للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الشطرنج كيف اخترع؟ - تطوراته بين الأمم القديمة]

لعبة الشطرنج من أدق اللعب الفكرية وأهمها وانفعها. بل هي معيار

لقوة الذكاء والمهارة والحذر والدهاء والإقدام، لأنها دقيقة في وضعها،

دقيقة في لعبها، تروض الإنسان على التحذر وسعة الحيلة وتدفعه إلى

المجازفة إذا ما تبين له بريق أمل من الفائدة.

إن هذه الرقعة التي يلعب عليها اللاعبون بقطع من الخشب مصورة ذات أسماء موضوعة، إنما هي ملعب الحياة، ومضمار السباق والرهان فيها، بل هي سر الحياة والعظمة، والموت والمهانة والزراية، ففيها يعلو الصغير إلى منصة العرش، وفيها تخطو الفرس ثلاثا فتعلو على الشاه فنلقيه بحافرها، هذه وغيرها كلها مشاهد في لوحة هذه الحياة التي تعتورها دائما ظروف شاقة لا يحتملها غير ذي الصبر والجلد الذي يفسح له من الآمال مجالا، ويجعل بين حدي الفشل والنجاح اتصالا.

لا يوجد من الأسانيد التاريخية القديمة شي محقق يدل على تاريخ وجود هذه اللعبة الفكرية كما حققت هذا (دائرة المعارف الفرنسية) وكل ما عرفوه عنها راجع إلى العهد الذي ذاعت فيه، فقد كان للقدماء العاب شتى بالطبع يلهون بها في فراغهم لترويج نفوسهم. وقد تشاهد منقوشة على الآثار المصرية القديمة ولكن لم تعرف لها قواعد.

(وقد قيل في أساطير الأولين ان أول من اخترع لعبة الشطرنج هو (بالاميد) إبان حصار طروادة وقد صدرت جريدة خصيصة بهذه اللعبة اسمها (بالاميد)).

وللشطرنج أسماء قديمة تباين اسمه العصري، فقد كانوا يطلقون عليه في أوربا في القرون الوسطى، عندما كانت اللغة اللاتينية ذائعة في ذلك الحين اسم (لودوس لاترنكولوروم) وكانوا في الهند يسمونه قديما (شطرونجا) وأطلقوا عيه في القرن السادس اسم (شاتورانجا) وتسربت هذه اللعبة إلى فارس وبلاد العرب وغيرها من مختلف البلاد. ولعل أول عهد لأوربا بها كان القرن السادس عشر وأخذت تذيع فيه إلى حد أن تألفت فيها مجامع ومدارس وجرت مسابقات بين البلاد وعقدت مؤتمرات خصيصة بها وغامر فيها الغاوون بضياعهم ورؤوس أموالهم حتى لقد فقد واحد كل ما ملكت يداه في سبيل لعبة واحدة فلم يحزن لانه أضاعها بغلطة فكرية. ولعبة الشطرنج في ذاتها، فكرية تبعد الناس عن كل

<<  <  ج:
ص:  >  >>