للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

موبقة وتصرفهم عن كل إثم، فأنت ترى الجالس أمام الرقعة مقصور النظر والفكر عليها، لا مطمع له إلا أن ينهمك في المغامرة ليغلب بجد، ويدفع عن حياض فكره بحق.

وللاعبين حيل غريبة في التغلب، فان الدهاء لابد أن يكون الآلة العاملة مع الفكرة، مثال ذلك إن اللاعبين في أوربا في القرن الخامس عشر كان أحدهما إذا لاعب الثاني ليلا جعل الضوء إلى يساره، وإذا ما لاعبه نهارا اجتهد في أن يجعل خصمه إزاء الضوء حتى يضلل بصره. وقد كانت هذه الطريقة التي جرى عليها (فنسان) و (دي لوسينا) وهما من اشهر اللاعبين الأوربيين في ذلك الحين. وقد كان للعرب القدح المعلى في هذه اللعبة، وكانوا يسمون الملك؟

(شيخاً) وهو الذي اسماه الفرس (شاها) وجرت تسميته حتى الآن. وقد روي (الصفدي) انه رأى غير مرة في دمشق سنة ٧٣١ هـ شخصا يعرف (بالنظام العجمي) وهو يلعب الشطرنج غالبا في مجلس (الصاحب شمس الدين) ورآه أول مرة يلعب مع (الشيخ أمين الدين سليمان) رئيس الأطباء فغلبة مستدبرا ولم يشعر به حتى ضرب (شاه مات) بالفيل.

وحكى له عنه انه يلعب غائبا على رقعتين وقدامه رقعة يلعب فيها حاضرا ويغلب في الثلاث. وكان الصاحب يدعه في وسط الدست ويقول له عد لنا قطعك وقطع غريمك فيسردها جميعها كأنه يراها.

واجمع بعض من المؤرخين على ان السبب في اختراع لعبة الشطرنج راجع إلى عهد الملك

(تلمبيت) ملك الهند الذي أحزنه أن يضع (شيربابك) أحد ملوك الفرس (النرد) وهو رموز على السنين والحساب، والأشهر، والأيام، والأسابيع، والقضاء والقدر، إلى غير ذلك. فعمد حكيمه (صوصة) إلى اختراع لعبة تفوق تلك وتعد فخارا للهند. فاخترع لعبة (الشطرنج) التي اجمع حكماء ذلك العصر ومفكروه على تفضيلها. فلما آن عرض اختراعه على الملك اعجب به وطلب منه أن يتمنى عليه ما شاء من جزاء، فتمنى عدد تضعيفه حبات قمح، فأنكر عليه الملك هذا الطلب التافه فالح المخترع في إجابة طلبه، فحسب أهل ديوان الملك هذا التضعيف ثم قالوا له إن ما عندنا من القمح هو دون الطلب، فدهش، ثم أوضحوا له الأمر فاعجب به لان تضاعف الأعداد إلى البيت السادس عشر أسفر عن اثنين وثلاثين

<<  <  ج:
ص:  >  >>