[رسالة الشعر]
ذكري شوقي
للأستاذ محمود غنيم
طواه الردى فتحدى العدم ... بشعر يدور على كل فم
لعمرك ما مات من شعره ... على صفحات الصدور ارتسم
وفي كل بيت له صورة ... تطل عليك بلحم ودم
تمر الليالي بشعر (ابن هاني) ... فتظهر من عتقه والكرم
قواف لها فعل بنت الدنان ... وكم زان بنت الدنان القدم
سلوا الشرق هل كان شعر (ابن هاني) ... سناه إذا ما الكلام ادلهم؟
وبلسمه من جراح الزمان ... وسلواه في كل خطب ألم؟
تغنى به في السرور الطروب ... فكان الكمان وكان النغم
وناح به في الخطوب الحزين ... فلامس منه مكان الألم
قواف سرت سريان البروق ... تجوب الوهاد وتطوي الأكم
شوارد طبقت الخافقين ... بها الشرق بعد الشتات التأم
أعز على الضاد من كل ما=حوته خزائنها من حكم
وأروى من النيل الظامئين ... وأخلد من لبنات الهرم
ثوى ربها في التراب ورفت ... بأفق البيان رفيف العلم
سلوا الضاد هل كان أحمد كنزاً ... حوته يداها؟ تجبكم: نعم
لقد منحته الطبيعة ملكاً ... عريضاً من الشعر فيه احتكم
وعرشاً كعرش ابن داود فيه ... تقوم الطيور مقام الخدم
يقولون شاد بقيثاره ... شجى العرب قلت: وهز العجم
أجاد القريض بعهد الشباب ... وأعجز حين اعتراه الهرم
وكم شاعر لم يمس الشعور ... فما قال شعراً ولكن نظم
لعمرك ما الناس دون الشعور ... ودون الأحاسيس إلا نعم
إذا الشعب لم يعر الشعراء ... مسامعه فهو شعب أصم