تأليف الأستاذ أحمد أحمد بدوي المدرس بكلية دار العلوم
للأستاذ الظاهر أحمد مكي
بمن الجزئية صدر الأستاذ أحمد أحمد بدوي عنوان كتابه وكان موقفاً، فإن التصدي لبلاغة قرآن كلا شيء فوق طاقة الفرد وجهد العقل. ولهذا الكتاب قصة بدأت في يوم من العام الماضي بدار العلوم، حين أختط الأستاذ لنفسه منهجاً جديداً في تدريس البلاغة لطلابه، فقد آثر الناحية التطبيقية، على تدريس القواعد البلاغية، كما تركها لنا القدامى، ممزوجة بالفلسفة، أو متأثرة بالمنطق، وقد أصاب فيما أرتاى وما ابتدع، فإن البلاغة ذوق وفن، ومران وصقل، وملكة وحاسة، وهي عدد تنمها القراءة الرشيدة، والدراسة الحرة، والاطلاع والواسع، والعزوف عما فتن لها من القواعد ونظم لا يتصل أغلبها بالذوق السلم.
فالأستاذ أحمد بدوي إذن أراد أن يدرس لطلابه البلاغة في القرآن، ولم يفرضه عليهم، وإنما استشارهم فيه، وكان لكاتب هذه السطور رأى يخالفه، مؤثراً دراسته شاعر أو نتاج أديب، ليكون مجال العقل أوسع، وميدان النقد أرحب، وتطبيقاً لمناهج البحث الحديثة، من تناول الموضوع خلوا عن أي فكرة سابقة، وما في استطاعة مسلم أن يجرد نفسه من العطفة، ومن ظلال القدسية، حين يعرض لدراسة القرآن الكريم!
وثمت أمر آخر أشد خطورة، هو أن القرآن ليس نتاجاً عادياً، فيخضع لقوانا وأبحاثنا، فمن الخير أن ندمه في عليانه، نمسة بعواطفنا ووجداننا، ونغدي به حواسنا وشعورنا. ونستلهم فيما نكتب أو تفكر، دون أن نحاول البحث عن السبل التي سلكنا أو القواعد التي نهجها، ولكن أستاذنا الفاضل، رأى غير ما ارتأينا، فدرس لنا الموضوع فعلا، وأخرج نتائج بحثه مؤلفاته ضخما، يذل فيه مجهوداً كبيراً كنا نشفق عليه منه، فقد تصدى لحمل رسالة بنوء بها أعظم الناس عقلا، وأكثرهم تفرغا لذات الموضوع، فما بالك وهو يشارك في أكثر من ميدان علمي، دارسي أو مؤلفاً أو محقفاً، وله أكثر من كتاب صدر في نفس العام تحمل دراسات قيمة، توج واجداً منها مجمع فؤاد الأول للغة العربية، وهو دراسة عن (رفاعة بك