المعاني المقصودة وقواعد اللغة، وإذا كان الحذف قد يفسر بغفلة طارئة من المنضد أو المصطلح، أو بضيق الصفحة الواحدة عن استيعاب القصيدة كلها فإن تحريف (كبابل) إلى (أي بابل) في البيت الآتي:
كبابل وسميراميس شامخة ... تقول للدهر: ماذا أنت صانعه
وتحريف (مدافعه) إلى (يدافعه) في البيت:
وقيل جاء حليف الشرق منتصرا ... تحرر الشرق من رق مدافعه
وتحريف (في) إلى (من) في البيت:
وغره أن هذا الليل ما فتئت ... تمتد في مشرق الدنيا سوافه
كل هذا يؤدي إلى مسخ المعنى وتشويه القصد، وقد يفسر هذا أيضاً بغفلة المصحح ولكن الذي يدعو إلى الدهشة أن تأتي كلمة (الدروب) بدل (المتيه) في البيت:
حتى إذا بات في الظلماء رائدها ... يطوي المتيه وتحويه شواسعه
لأن ضمير (شواسعه) لا يقصد به إلا المتيه فكيف يعود إلى الدروب وهي جمع؛ يضاف إلى هذا أن كلمة (المتيه) لا تنكرها اللغة وإن أنكرتها فلا ينكرها القياس الصرفي، على أن هذه القصيدة قد نشرها الأستاذ الزيات ولم يقل فيها شيئاً وهو من أئمة اللغة والأدب.
لقد كنت أود أن تمتد يد التصحيح إلى القصائد والقطع الأخرى لتي نشرت في العدد نفسه فتعيدها إلى حظيرة النحو والصرف والعروض قبل أن تمتد إلى قصيدتي فتحرف وتحذف بدون مسوغ.
وإذا كان هناك شيء أقوله لصاحب الألواح فهو أن اللقب الجامعي لا يضاف إلى الشاعر في قصيدة أو مقطوعة إذ لم يكن من التقاليد الصحيفة أن يضاف هذا اللقب ما لم يكن صفة ملازمة للشاعر كلقب (الدكتور). إن اللقب الجامعي لا يذكر عادة إلا في البحوث التي تتناول تربية الطفل وعلم النفس وما شابه ذلك؛ أما الشعر فهو بعيد كل البعد عن الألقاب.
حقاً أن صاحب (الألواح) صديق قديم وصحفي أثير المكانة ولكن الصداقة شيء والدفاع عن كرامة الشعر شيء آخر.