المسلمون في حاجة إلى جرعات قوية من قبيل هذه الجرعة التي ناولهم إياها صاحب الفضيلة الأستاذ عبد الله على القصيمي في كتابه (هذه هي الأغلال).
لأن الذين يحجمون عن مساعي الحياة اعتقاداً منهم بتحريمها إنما يخرجهم في هذا الوهم عاملان ضروريان، وهما عظة الحوادث وعظة المرشدين، وأحق الناس بإسداء هذه العظة إليهم من يصححون لهم الوهم بإسناد من الكتاب والسنة النبوية، ومن يرشدونهم لأنهم متدينون يفهمون الدين على وجهه المستقيم، لا لأنهم ينكرون الأديان فلا يلتقون بهم في أصل من أصولهم التي يتقبلون منها الحجة والدليل
والكتاب بحق كما وصفه مؤلفه الفاضل (ثورة في فهم العقل والدين والحياة) لأنه يهجم على سلطان غشوم هو سلطان الجهل، ومعقل حصين هو معقل العادة، وجحفل مجر هو جحفل الغوغاء وأشباه الغوغاء، فيرفع السيف والمعول بغير رهبة ولا هوادة، ويعتمد سيفاً واحداً ومعولاً واحداً في هذه الثورة الجريئة، وهما سيف اليقين ومعول البرهان
فهو يشن الغارة الشعواء على من يقدسون البلاهة ويوجبون على الناس الكسل باسم الاتكال على الله، ويحرمون تعليم المرأة وتدريبها على فرائض الأمومة والرعاية الاجتماعية، ويوهنون ثقة الإنسان بنفسه، وينكرون الحكمة القديمة والعلم الحديث، ويزعمون أن الزمن يتأخر ولا يرجى فيه من أبناء اليوم والغد رجاء يضيفونه إلى تراث السلف ومآثر المتقدمين
وقد استند في كثير من معارض النقد على آيات من الكتاب وأمثلة من سير الأنبياء، وأسانيد من المنطق السليم، ولم يبال بالسمعة الموروثة ولا بالأنصاب المرفوعة ولا بالأكاذيب المتواترة، فهاجم أناساً يحسبون من الأئمة المقدسين عند العامة وأشباه العامة، وذب عن فلاسفة غير مسلمين لم يشهدوا عهد الأديان الكتابية مثل أرسطو وأفلاطون