في زيارة سابقة للقاهرة قصدت بها - على الأخص - دراسة اللغة العربية في أشهر مدرسة، جعلت اكثر همي ملاحظة شمائل المصريين المسلمين وعاداتهم؛ وسرعان ما أدركت بعد معاشرة هذا الشعب سنتين ونصف سنة أن كل ما أمكنني الحصول عليه سابقا من الأخبار المتعلقة بهم، لا يكفي ليكون ذا فائدة كبيرة لمن يدرس الأدب العربي، أو ليقضي حاجة القارئ العادي. لذلك رغبت في تدوين الملاحظات عن أشهر عاداتهم لاستزيد لنفسي من جهة، ولأستطيع أن أزيد في معرفة مواطني بالطبقات المتحضرة لامة من أهم أمم العالم من جهة أخرى، وذلك برسم صورة مفصلة عن سكان أكبر مدينة عربية. إلا أن زيارتي الأولى لم تكف لبلوغ هذا الغرض مع متابعة دروسي الأخرى، فصرفت النية عن نشر ما قيدته عن المصريين المحدثين. وبعد خمس سنوات من عودتي إلى إنجلترا عُرِضت هذه المذكرات على بعض أعضاء من لجنة جمعية نشر المعارف المفيدة استحسنوها وأوعزوا إلى اللجنة أن تعني بموضوعاتها، وطرافة بعض محتوياتها، فعهدت إلى تكملتها ثم طبعها. وقد كان ذلك حافزاً لي على قبول النصيحة ومتابعة العمل. وفي أقرب فرصة عدت ثانية إلى مصر. وبعد أن أقمت أكثر من سنة في عاصمة ذلك البلد، ورحلت نصف سنة في الوجه القبلي، أتممت - بقدر ما استطعت - العمل الذي تعهدت به
قد يقال إن القارئ الإنجليزي استفاد من كتاب الدكتور رَسِل عن أهل حلب وصفاً صادقاً لشمائل العرب وعاداتهم؛ ولا أحب أن أصم أمانتي الكتابية التي أدعيها بمحاولة التقليل من المزايا الحقيقية لهذا الكتاب القيم؛ ولكن يجب أن أؤكد أن الكتاب في مجموعه قد وصف العادات التركية أكثر مما وصف العادات العربية، وأن المؤلف الأصلي وأخاه الذي ندين له بالطبعة المزيدة المنقحة، لم يكونا يعرفان اللغة العربية معرفة كافية لإنعام النظر في بعض