للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قصة المكروب كيف كشفه رجاله]

ترجمة الدكتور أحمد زكي

وكيل كلية العلوم

كوخ رابع غزاة المكروب

يكتشف مكروب الكلوليرا في مصر

- ٧ -

وفي الرابع والعشرين من مارس عام ١٨٨٢ اجتمعت الجمعية الفسلجية في برلين في حجرة صغيرة حقيرة بحجمها، كبيرة عظيمة بمن اجتمعوا فيها من أعلام رجال العلم في ألمانيا. فكان في الحاضرين بول أرليس وكان فيهم علاّمتنا الجهبذ الكبير الأستاذ الشهير رودلف فرشو الذي ذكرنا قِدْما ما كان من استهانته لكوخ المأفون ودعواه المزعومة في بشلات الأدواء. وكان في الحاضرين كل مقاتل للأمراض له أسم يذكر في ألمانيا.

ولما أكتمل الجمع، قام فيهم رجل صغير، جَعدُ الأسارير، على عينيه نظارتان، وفي يديه أوراق أخذ يقلبها في خَبلة ظاهرة وهي لا تفتأ ترتعد بين أنامله وأخذ يتكلم فأضطرب صوته اضطراباً خفيفاً. هذا كوخ قام يخبر الجماعة في تواضع رفيع كيف تأتى له أن يكشف عن مكروب هذا الداء الذي يحظى بنصيب الأسد من الأدواء فيفوز برجل من كل سبعة يموتون. وأخبرهم دون أن يُجلجل بصوته، فِعلَ مصاقع الخطباء، أن أطباء العالم يستطيعون اليوم التعرّف إلى بَشلِة السل ودرس عاداتها وخصائصها. وأخذ كوخ في الحديث عن هذه البشّلة، أصغرِ أعداء الإنسان وأكبرها به فتكاً، فعرّفهم بمكامنها ومراصدها وبمظاهر ضعفها ومظاهر قوتها، وأراهم طرائق لو أنهم سلكوها فلعلهم ماحون هذا المكروب القتال من على ظهر البسيطة.

وجلس كوخ، وأنتظر النِّقاش والحِجَاج والمعارضة التي لا بد منها عندما يختم باحث عرض بحث ثوريّ كالذي نحن بصدده. ولكن لم يقف رجل على قدم، ولم تنفرج بكلمة واحدة شفتان. وأخيراً اتجهت الأنظار إلى فرشو، سلطان دولة العلم الألمانية، ومهبط وحي

<<  <  ج:
ص:  >  >>