للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الآلهة، والرجل الرّعاد الذي كان يعبس للنظرية الجديدة تهم بالظهور في تفسير الأدواء فيقضي عليها قبل ولادتها.

اتجهت الأنظار إلى هذا الداهية، فأنتصب قائماً، ووضع قبعته على رأسه، وغادر المكان - فلم يكن عنده ما يقول!

لو أن لوفن هوك كشف هذا الكشف الخطير في قرنه السابع عشر، أي قبل أيام كوخ بمائتي عام، لأستغرق انتشار خبر ذلك في أوربا أشهراً عديدة طويلة؛ أما في عام ١٨٨٢، فلم ينفضّ اجتماع الجمعية الفسلجية حتى شاع خبر هذا الكشف في الناس، وحمله البرق في نفس الليلة إلى أقاصي اليابان شرقاً إلى أقاصي أمريكا غرباً. وأصبح الصباح فكنت تراه في جرائد الأمم كالقنبلة انفجرت على صفحاتها الأولى. وهاجت الدنيا وماجت لاكتشاف كوخ، وجاءه الأطباء زرافاتٍ في السُّفُن وعلى القُطُر تسأله تعليمهم كيف يُطبخ الفالوذج اللحم، وكيف تُضرب المحاقن مليئةً بالجراثيم في أجسام الخنازير وهي تعتلج وتضطرب.

كشف بستور ما أكتشف، فأثار فرنسا من جرائه إلى التشاحن والتطاحن. أما كوخ فكشف عن مكروبة السل الخطيرة فهزّ بها الدنيا هزّاً. وكلما أجتمع حوله المعجبون صرفهم بتلويحة من يده وهو يقول: (ليس لكشفي كل هذا الخطر الذي تزعمون). وتهرّب منهم، وتهرّب من تلاميذه يتفرغ ما استطاع لأبحاثه الجديدة. وكان مثل لوفن هوك يكره التدريس، ولكنه غُصب عليه فكان يأتيه كاظماً كرهه، إلا تمتمةً وراء شفتيه، فدرّس ليابانيين يتكلمون الألمانية سقيما، وكلامهم بها أيسر عليهم من فهمهم إياها. ودرّس لبرتغاليين كانوا قوماً يستحيل عليهم صيد المكروب ولو تعلموه على كوخ مائة عام. وخاصم بستورَ خصومة كبرى سنأتي عليها في الباب القادم. وقام بين الفينة والفينة بتعليم عونه القديم جَفْكيِ كيف يتصيد مكروب التيفود. وأضطُر اضطراراً إلى حضور استقبالات.

وتقبّل الشارات، فإذا فرغ من هذه عاد إلى عونه الآخر لُفلار وكان من ذوي الشوارب الكبيرة الرائعة فأعانه فيما هو فيه، وكان قد أخذ في سبيل اقتناص ذلك المكروب الذي يَقْطُر سمّاً في حلوق الأطفال الرضّع فيميتهم اختناقاً، وأعني به مكروب الدفتريا.

أكتشف كوخ طريقته لتكثير المكروب على سطوح الأطعمة الجامدة، وهي طريقة مُغرقة

<<  <  ج:
ص:  >  >>