كان هذا عنوان الحديث الذي ألقاه بالإذاعة معالي الأستاذ إبراهيم دسوقي أباظة باشا وزير المواصلات، ولم يكن هذا الحديث كالذي عهدناه من الوزراء والسياسيين الذين تحكمهم الرسمية والدبلوماسية، ولم يكن حديث رجل فارق الشباب، إنما كان حديث (شاب) مصري عربي، استشعر مصريته وعروبته، وواتاه البيان العربي، فراح يتدفق في حماس وقوة، ولم يقف في الحق عند حد، بل كان صريحاً جريئاً لاذعاً. حمل على الولايات المتحدة حملة شعواء، إذ قال: إننا دخلنا الحرب مضطرين بسبب المعاملة الجائرة التي عاملتنا بها هيئة الأمم والولايات المتحدة على الخصوص، وهي التي كانت في أثناء الحرب تنادي بالمبادئ السامية، فأصبحت تزود عن المطامع الصهيونية. وليس هناك ظل من الشك في أنها ضغطت على الدول لتحصل على أغلبية تقول بالتقسيم، وقد اعترف ممثلو تلك الدول بذلك وأعلنوه. وندد معاليه بموقف الرئيس ترومان قائلا: إن موقفه يدعو للعجب والدهشة، فهو في سبيل عدد ضئيل من الصهيونيين لا يبلغ نصف مليون من المشردين والأفاقين والمرتزقين من حثالة الشعوب لفظتهم بلادهم فانهالوا على فلسطين من كل فج لا على أساس من الجنسية أو اللغة أو أي مقوم من مقومات الشعوب، بل على أساس الدين وحده - في سبيل هذه الحثالة يمزق الرئيس ترومان ميثاق هيئة الأمم المتحدة، ويعبث بالمبادئ التي أعلنها العالم بأسره ممثلا في تلك الهيئة من احترام الحريات وحقوق الشعوب والمساواة بين الأمم؛ ومن أجل هذه الحثالة الشريرة المحتالة يقف الرئيس ترومان إلى جانب ويزمان زعيم الصهيونية، فينزله في البيت الأبيض، ويحمله على الظهور بجانبه في صورة فوتغرافية وهو يقبل منه التوراة هدية، وفي صورة أخرى وهو إلى جانبه يحتضن شارة العصابة الصهيونية متلعفاً بها فخوراً رغم أنف العدالة الدولية. من أجل هذه الحثالة يعرض بلاده لعداوة ثلثمائة مليون من المسلمين في أنحاء الأرض - الرئيس ترومان المحب الواله والصب المدنف والمغرم المدله المشغوف بالصهيونية!
ثم قال معاليه: دخلت مصر الحرب مكرهة، لأنها لم تجد عدلا لدى هيئة الأمم، فاعتقدت أن العدل لن يكون إلا إذا دعمه السلاح. دخلت مصر الحرب دفاعاً عن فلسطين وعن نفسها،