قرأت في الأهرام كلمتين في التقريب بين اللغتين: أولهما لعبد الحميد عمر أفندي بمحكمة النقض، وثانيها لأحمد عبد الطيف بدر أفندي المدرس ببور سعيد؛ وقد تضمنت الأولى دعوى موجهة إلى الخاصة أن يتركوا اللغة العربية الفصحى وأن يستبدلوا بها في مخاطباتهم ومكاتباتهم ما يستعمله العامة في مخاطباتهم من الجمل والكلم، فيستعملوا مثلا جملة (حضروا الرجال) التي تجري على ألسنة العامة بدلا من (الرجال حضروا) إذ لا مانع عنده من ذلك ما دام مثل هذا الاستعمال قد ورد في التنزيل الحكيم في قوله تعالى (وأسروا النجوى الذين ظلموا) سورة الأنبياءـ وفي قوله تعالى (ثم عموا وصموا كثير منهم) في (سورة المائدة لا العنكبوت) كما قال؛ وقال أنه لا يهمه الاختلاف في أوجه الإعراب في الآيتين ما دامت العبرة في الاستعمال، وليس بعينه أن يكون (الذين ظلموا) في الآية الأولى فاعلا أو بدلا أو غير ذلك. وكذا لا يعنيه ما يقال في الآية الثانية (ثم عموا وصموا كثيرا منهم) من أوجه الأعراب.
وتضمنت الكلمة الثانية أن كاتبها: أحمد عبد اللطيف بدر أفندي يخالف الأول في رأيه لما يترتب عليه من أن يجعل فاعلين لفعل واحد كما في اللغة (أكلوني البراغيث) على زعمه يؤدي إلى تناسى القاعدة الأصلية، ويرى أن يكون التقريب بين اللغتين بإشاعة الألفاظ المحرفة وإحلالها محل الألفاظ محل الفصيحة فتستعمل كلمة (مِن) ولفظ (فين) بدل (أين) و (اشمعنه ومنين) مكان (لِمَ) و (من أين). وزعم أن ورود الآيتين الكريمتين على لغة (أكلوني البراغيث) وهي غير اللغة الفصحى إنما كان للتحدي والإعجاز والدلالة على أن القرآن من صميم لغة العرب على تباين لهجاتها، ولذلك جازت القراءات المتعددة فيه، وأول المفسرون الآيتين بما يدنيهما من اللغة الفصحى الخ.
ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت:
وليت شعري كيف يكن التحدي بغير الفصيح للإعجاز أم كيف يتوهم ذو علم أن المفسرين يؤولون القرآن بما يدنيه من اللغة الفصحى وهو في أعلى طبقات البلاغة؟
لقد أخطأ الأستاذ أحمد عبد اللطيف في ظنه أن لغة (أكلوني البراغيث) أتاها الضعف من