سمع هذه الآية من فم الرسول وإن هذا المكتوب هو نفس ما سمعه وانه كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع كل هذا الذي شهد عليه لا غير وحفظ هذا المصحف إلى خلافة عثمان فكثر اختلاف الناس في القراءات وكادوا يقتتلون فجمع الناس على مصحف واحد نسخوه من المصحف الذي عند حفصة وكان الناسخون هم زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن حارث المخزومي (وقد تركوا ما خالف المصحف الموجود في زيادة أو نقص وإبدال كلمة أخرى بأخرى مما كان مأذونا فيه توسعة عليهم ولم يثبت ثبوتا مستفيضا انه من القرآن) ثم أمر سيدنا عثمان ووافقه المسلمون حرصا على وحدة الأمة وجمعا لكلمتها وخشية أن يدخل في القرآن ما ليس منه فأحرقت جميع المصاحف الأخرى التي لا تتفق مع المصحف الإمام. وإذن فقد أصبحت هذه المصاحف التي اجمع عليها المسلمون هي التي يعول على رسمها في القراءة أضيف إليها شرط صحة سندها وان توافق العربية ولو بوجه من الوجوه واعتبر ما عدا ذلك شاذا فما خالف اللغة العربية باطل من أساسه وما خالف الرسم العثماني شاذا تعبدا حيث خالف اجمع الأمة مع صحة سنده وما لم يصح سنده شاذ حيث لا دليل على قرآنيته. والوقع إن ما يخالف الرسم العثماني قد هجره العلماء السابقون فأنقطع سنده فأصبح مشكوكا في كونه من السبعة فبعد عن أن يكون قرآناً تصح به الصلاة والعبادات وشرط التعبد بالقرآن أن يكون متصل السند صحيح الرواية مقطوعا بقرآنيته.
أما الآراء التي تقول إن السبعة الأحرف هي حلال وحرام وترغيب وترهيب. . . أو أنها محكم ومتشابه وقصص وأمثال أو إنها أمر ونهي. . . الخ فكلها آراء بالغة الضعف لا تستند على أوهى دليل. ولعل في ما كتب تبيانا وتوضيحا سليما مقبولا من كل وجه والله أعلم بكتابه وهو بكل شيء عليم.