عيون الأخبار: كتب رجل من الكتاب إلى (صديق له) قد اسلم يهنئه:
الحمد لله الذي أرشد أمرك، وخص بالتوفيق عزمك، وأوضح فضيلة عقلك، ورجاحة رايك، فما كانت الآداب التي حويتها، والمعرفة التي أوتيتها لتدوم بك على غواية وديانة شائنة لا تليق بلبك، ولا يربح ذوو الحجى من موجبي حقك ينكرون إبطاءك عن حظك، وتركك البدار إلى الدين القيم الذي لا يقبل الله غيره، ولا يثيب إلا به، فقال:(ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) وقال: (إن الدين عند الله الإسلام)، والحمد لله الذي جعلك في سابق علمه ممن هداه لدينه، وجعله من أهل ولايته، وشرفه بولاء خليفته، وهنأك الله نعمته، وأعانك على شكره، فقد أصبحت لنا أخاً ندين بمودته وموالاته، بعد التأثم من خلطتك، ومخالفة الحق بمشايعتك، فإن الله (عز وجل) يقول: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم).
٨٦٢ - بالعدل قامت السماوات والأرض
مفاتيح الغيب للرازي: العدل واجب الرعاية في جميع الأحوال، ومن الكلمات المشهورة:(بالعدل قامت السماوات والأرض) ومعناه أن مقادير العناصر لو لم تكن متعادلة متكافئة بل كان بعضها أزيد بحسب الكمية وبحسب الكيفية من الآخر لا ستولى الغالب على المغلوب، ووهى المغلوب، وتنقلت الطبائع كلها إلى طبيعة الجرم الغالب. ولو كان بعد الشمس من الأرض أقل مما هو الآن لعظمت السخونة في هذا العالم واحترق كل ما هذا العالم، ولو كان بعدها أزيد مما هو الآن لاستولى البر والجمود على هذا العالم، وكذا القول في مقادير حركات الكواكب ومراتب سرعتها وبطئها، فإن الواحد منها لو كان أزيد مما هو الآن أو كان أنقص مما هو الآن لاختلت مصالح هذا العالم. فظهر بهذا السبب الذي ذكرناه صدق قولهم: بالعدل قامت السماوات والأرض.