إن فينا القيان يعزفن بالدف (م) ... لفتياننا وعيشاً رخيا
يتبارين في النعيم ويصبن (م) ... خلال القرون مسكا ذكيا
إنما همهن أن يتحلين (م) ... سموطاً وسنبلاً فارسيا
من سموط المرجان فصل بالشذر (م) ... فأحسن بحليهن حليا!
٨٦٤ - الغيبة
شرح النهج لابن أبي الحديد: أن الغيبة ليست مقصورة على اللسان فقط بل كل ما عرفت به صاحبك نقص أخيك فهو غيبة، فقد يكون ذلك باللسان، وقد يكون بالإشارة والإيماء وبالمحاكاة نحو أن يمشي خلف الأعرج متعارجاً، وبالكتاب فإن القلم أحد اللسانين. واخبث أنواع الغيبة غيبة القراء المرائين، وذلك نحو أن يذكر عندهم إنسان فيقول قائلهم: الحمد لله الذي لم يبلنا بدخول أبواب السلطان والتبذل في طلب الحطام، وقصده أن يفهم الغير عيب ذلك الشخص فتخرج الغيبة في مخرج الحمد والشكر لله تعالى. فيحصل من ذلك غيبة المسلم، ويحصل منه الرياء وإظهار التعفف عن الغيبة وهو واقع فيها، وكذلك يقول: لقد ساءني ما يذكر به فلان نسأل الله أن يعصمه. ويكون كاذباً في دعوى أنه ساءه وفي إظهار الدعاء له، بل لو قصد الدعاء له لأخفاه في خلوة عقب صلواته، ولو كان قد ساءه لساءه أيضاً إظهار ما يكرهه ذلك الإنسان. وأعلم أن الإصغاء إلى الغيبة على سبيل التعجب كالغيبة بل أشد لأنه إنما يظهر التعجب ليزيد نشاط المغتاب في الغيبة فيندفع فيها، وإذا كان السامع الساكت شريك المغتاب فما ظنك بالمجتهد في حصول الغيبة.
٨٦٥ - قليل الراح صديق الروح
خاص الخاص للثعالبي: حنين بن إسحاق المترجم أتفق له هذه اللفظة الوجيزة الشريفة البديعة التي لم أسمع للبغاء مثلها في الجمع بين التجنيس والطباق والترصيع مع حسن المعنى وجودته وصحته وهي قليل الراح صديق الروح، وكثيرة عدو الجسم.