للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[دراسات في الأدب الإنجليزي]

المذهب الواقعي وفن الدرامة

بقلم محمد رشاد رشدي

في المسرح الأغريقي:

أول ما يتبادر إلى ذهن الباحث في هذا الموضوع أن ينقب عن الواقعية في عناصر الدرامة الثلاثة: في الموضوع والأشخاص والأسلوب. غير أن نسبة الواقعية في كل من هذه الأجزاء قد تختلف نظرياً - أي فيما يكتبه نقاد العصر عن الفن المسرحي - عما يباشر عملياً فوق مسرح العصر. ولذلك رأينا من الأوفق في معالجة هذا الموضوع أن نلقي نظرة سريعة على النقد المسرحي نتبعها بمطابقة هذا النقد للمسرح نفسه. والناقد الوحيد الذي نستطيع الاعتماد عليه في حديثنا عن المسرح الإغريقي هو أرسطو. .

كتب (أرسطو) في رسالته عن الشعر يتحدث عن الواقعية في الموضوع قال: (يتضح مما سبق أن مهمة الشاعر هي أن يصف - لا الشيء الذي حدث - بل الشيء الذي من المحتمل وقوعه - أي مال قد يكون ممكناً أو ضرورياً). وعلى هذا فوحدة الموضوع إنما تنشأ من مبادئ الواقعية الأساسية؛ فحوادث القصة يجب أن يتصل بعضها ببعض اتصالاً ممكناً أو ضرورياً تحتمه ظروف القصة نفسها وجوها الخاص بها. وكتب هذا الناقد عن أسلوب القصة المسرحية، قال: (يمكننا الآن أن نرى أن على الكاتب أن يخفي نفسه حتى يستطيع أن يتحدث طبيعياً لا صناعياً). ومن الجدير بالذكر هنا أن الأثر الذي يحدثه أسلوب (شكسبير) على المسرح لا يختلف واقعياً عن الأثر الذي يحدثه أسلوب (أوسكار وايلد) - أو (كونجريف) أو (شريدان) أو (برنادشو). أما عن شخصيات الدرامة فقد قال أرسطو: (من البدهي أن أشخاص القصة إما أن يكونوا أشخاصاً صالحين أو طالحين - ويتبع هذا أن بطل القصة إما أن يكون فوق مستوانا الخلقي والاجتماعي، أو تحت هذا المستوى - أو في نفس المستوى ومثلنا تماماً - غير أن من يتأمل الدراسة الإغريقية لا يجد فيها متسعاً لهذا الصنف الثالث من الشخصيات التي هي في مستوانا ومثلنا تماماً - على أن ذلك لا يمنع أن يكون للدرامة الإغريقية الحظ الأوفر من الواقعية، وان تكون بعيدة

<<  <  ج:
ص:  >  >>