للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من برجنا العاجي]

يتساءل بعض الناس كيف لا يستطيع أدباؤنا أن ينتجوا إنتاج أدباء الغرب؟ أما أنا فأتساءل كيف استطاع أدباؤنا أن ينتجوا إطلاقاً، ولماذا هم ينتجون؟ إن موقف أدبائنا اليوم ليدعو إلى العجب. إنهم في موقف لم يقفه أدب ولا أدباء في عصر من العصور. إن المعروف في كل عصر أن الأدب يرعاه دائماً تشجيع طبقة من الطبقات. ففي عهد الأرستقراطية كان في كنف الملوك والخلفاء والأمراء والنبلاء، يتبارون في حمايته، ويتسابقون في إعلاء كلمته. وفي عهد الديمقراطية الحديثة وانعدام الأمية انتقل أمره إلى يد الشعب المتعلم فهو الذي يثيب الأديب بالتهافت على اقتناء كتبه، وهو الذي يحوطه بمظاهر الاحتفال والتقدير. أما أدبنا اليوم، فهو حائر كاليتيم بين أرستقراطية لا وجود لها، وإن وجدت فلا شأن لها بأدب ولا أدباء، وبين ديمقراطية اسمية في شعوب لم يتم تعليمها، فهي بعد لا تعنى بأدب ولا أدباء. فأنا ننتج ونحن نعرف أن إنتاجنا لا يهم الحكام ولا المحكومين، وأن ثمرات هذا الفكر الذي أضعنا من أجله كل حياتنا الجميلة لن يجنيها غير نفر قليل ممن ينظرون إلى استشهادنا بعين الرثاء. نعم إن هو إلا استشهاد، هذا الأدب في هذه البلاد. . . لا شيء غير ذلك. وإني قد سألت نفسي مراراً لمن أنشر كتبي؟ فكان الجواب: إني إنما أفعل من أجل أولئك التسعة أو العشرة من الأدباء الكرام الذين يفهمونني لأنهم يعانون عين الألم، وينتظمون معي في سلك العذاب، ويدبون مثلي على أقلامهم في تلك الحياة الطويلة الجرداء، كأنها صحراء من الجليد لا يهب علينا فيها غير صقيع الإهمال من الشعب وأصحاب السلطان، ولكننا مع ذلك نسير ونسير متجلدين، أيدي بعضنا في أيدي البعض كأننا منفيون في مجاهل سيبيريا. . . وما نحن في الحقيقة أكثر من ذلك. . . ما نحن إلا منفيون في مجاهل (فكرنا) الذي يجهله الناس

توفيق الحكيم

كلمة لبنان في مهرجان القران الملكي السعيد

للأستاذ أمين بك نخلة

باسم القلم في لبنان، بل باسم القلم اللبناني في كل أرض، بل باسم اللبنانيين في دارهم وفي

<<  <  ج:
ص:  >  >>