كانت هزيمة المسرح على يد سادته وأبطاله هزيمة منكرة، هبطت بهم إلى الحضيض، ورجعت به إلى الوراء عشرات السنين، ولم يبق بد من أن يعهد بالمسرح إلى غير هؤلاء الأبطال الذين نصبوا أنفسهم سادة في مملكته. كان لابد من إنقاذ المسرح وأهله معه بأية وسيلة من الوسائل، ولقد وجدت الوسيلة واقتنعت الحكومة بها فأنشأت هذه الفرقة التي ما تزال قائمة بيننا، وعهدت بها إلى رجل لا ننكر فضله كأديب وشاعر، بيد أنا ننكر صلته بالمسرح، تلك الصلة التي تجعل منه خير من يضطلع بهذه المهمة العظيمة. هذا إلى أنه رجل مشغول بغير المسرح من الشئون؛ فلم يكن الاختيار موفقاً على أي حال. فالمسرح يريد واحداً من رجاله الذين بلوه أعظم البلاء، والذين امتحنتهم خشبة المسرح وعركت أعوادهم فوجدتها من اصلب الأعواد وأشدها قوة وعزماً وحزماً. أما الشعراء، وأما أصحاب الكفايات في الأدب والكتابة فلن تؤهلهم هذه الكفايات والمميزات لهذه المهمة، وقد تؤهلهم لخدمته بوسائل أخرى غير سيادته والتحكم في شؤونه.
على أن مدير الفرقة ليس وحده المسئول عن هذه الهزيمة الجديدة للمسرح، فإن إلى جانبه لجنة عهد إليها باختيار الروايات، فإذا اعتبرناها مسئولة عن عملها، وليس فيها إلا رجل واحد يصلح لهذه المهمة، فإننا نظلمها ظلماً مبيناً! إنها لجنة تتكون من أعضاء من ذوي الكفايات الأدبية والعلمية، لكنهم كما هو الحال مع المدير، ليست لهم صلة بالمسرح تجعلهم أحق الناس بهذه المهمة، بل لعل هذه الكفايات والمميزات التي لهم تجعلهم آخر من يصلح لها. ذلك لأن المسرح فن، وإن كان يعتمد على غيره من الفنون، إلا أن من يصلحون له يجب أن يكونوا من طراز خاص. فالمسرح يعتمد على الكتاب والأدباء والموسيقيين وغيرهم، بيد أن أحداً من هؤلاء قد لا يصلح لمهمة قيادته وسيادة شئونه، وقد يصلح لها