ممثل أو مخرج أو مؤلف مسرحي أو ناقد، وقد يكون هؤلاء أقل ثقافة وعلماً من أولئك الجهابذة العلماء، بيد أن روحهم الفنية الملهمة تحوطهم بسياج من القوة، وتمنحهم إحساساً فنياً مرهفاً وتجعلهم من اصلح الناس لتوجيه هذه الشئون!
قلنا إذن: إن مدير الفرقة لا يصلح لقيادتها، لأنه غريب عنها، ولو أنه أديب وشاعر. وقلنا: إن لجنة القراءة ليس فيها إلا رجل واحد صالح، على أنه مشغول هو أيضاً ولديه من المهام ما هو في نظره أجل وأسمى خطراً من المسرح، ومن ثم، فقد ساءت إدارة الفرقة، وساء اختيار الروايات؛ وفي نفس الوقت نرى جماعة الممثلين والمخرجين، وقد اطمأنوا إلى أرزاقهم، قد تركوا الحبل على الغارب، ولم يعد يشغلهم إلا قبض المرتب في أول الشهر، وإلا الإشاعات التي تدور حول الفرقة وتتناثر هنا وهناك، وإلا الزلفى إلى هذا والتقرب إلى ذاك. أما إجادة العمل فهي في المحل الأخير إن لم يكن لا محل لها من تفكيرهم!
هل نجد ما نقوله بعد ذلك إلا أن نكون مكررين لما قيل مئات المرات وكتب في الصحف وتحدث به الناس؟
يكفي أن نضرب مثلاً لشعور الفرقة بتفاهة مجهودها أنها وقد عرضت لها فرصة تقديم بعض بضاعتها أمام مليك البلاد لم تجد ما تقدمه سوى رواية (المتحذلقات) وهي فكاهة صغيرة من الأدب الغربي ذات فصل واحد!
وثمة مثل آخر، فقد دعت الفرقة أعضاء مجلس النواب لتشهدهم على أحقيتها في استمرار صرف الإعانة التي أوشكت أن تطير، دعتهم ليشاهدوا المهزلة الكبرى التي وقعت في إخراج (الجريمة والعقاب) فخرجوا ساخطين متبرمين، ولولا بقية من أمل لطارت الإعانة وطارت معها الفرقة!
ماذا نقول أيضاً، وهل نعتبر هذه الكلمة الفصل الأخير في مأساة الفرقة القومية أم أنه ما تزال هناك فصول كثيرة تستحق كثيراً من الضحك وكثيراً من الرثاء؟