للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على تمثال فوزي المعلوف]

كلمة الأستاذ فليكس فارس

في حفلة إزاحة الستار عن تمثال الشاعر فوزي المعلوف في

١٢ - سبتمبر في مدينة زحلة - لبنان

عندما أزيح الستار عن هذا النصب كأنه إنسان عين لبنان، وحبة القلب في بلاد العرب، رأيت الذرى المحدقة بهذا الوادي تميد من جهاتها الأربع وقد أطلت من ورائها طغمات أصنام تتراشق نظرات الاستغراب وتتبادل هتفات الاستنكار

إنني أعاينها بالجرح الوسيع فتحته في القلب أدواء البلاد ونكبات الأمة، واسمع صخبها وضجيجها بالإذن التي لم تزل تدوي فيها زفرات البائسين وصيحات المشردين والشهداء

أولئك هم أصنام الشعب المستضعف الفلول، استفزهم ما راود أمجادهم من حذر، وخامر أحلامهم من وساوس، فتراكضوا من مقاعد الزعامات والمناصب المنتزعة بدهاء الجهل ودسيسة المعجزة، ومن أبواب الهياكل والمعابد وجوانب القوى المسيطرة على العناصر الحائرة المتعثرة، هرعوا يتصايحون:

نحن أرباب هذه الأرجاء وأسياد شعبها. . نحن الأحياء يعبدنا الأحياء، فمن ترى هذا الصنم الجامد لا يملك سمعاً ولا بصراً يرفع على مثل أنصابنا فيحني الناس الرؤوس أمامه خاشعين؟

من هذا الدخيل الجامد الصامت تقحمه الهيكل قوة مجهولة وتفرض به على النفوس عبادة لا توجه إلينا، محرقة عند قدميه بخوراً لا يتعالى نحو تيجاننا؟ وصاح أحد صغار الأصنام بأسياده الجسام: أفما عرفتموه؟ إنه ذلك الفتى الضعيف الناحل الذي كان يحدجنا بلفتات الاحتقار ويقرع أسماعنا بأناشيد زهوه واغتراره. إنه هو الذي أنكر ألوهيتنا المتعددة السائدة على عشرات العناصر المتقاطعة، فادعى أن للوطنية إلهاً واحداً وأن قطعاننا قطيع واحد لراع واحد هو حق الحياة

أفليس هذا الصنم الجامد، ذلك الفتى الذي رأى في عزتنا مذلة لقومه، وفي عظمتنا صغارا لبلاده، فتوارى وفي دمعته نار وفي أنينه إرعاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>