للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فقالت طغمة الأصنام: ومن يجرؤ على رفع هذا الإنسان المتحجر إلى مصاف الأرباب فيقتعد المنصة العالية فوق مستوى الرعية؟

أوصل هذا الإنسان إلى نفوذ سر السيادة فرقص على الحبلين، وتعارج على الساقين، موهما الشرق انه ذو الحول والطول وراء ستائر الغرب، ثم عاد موهما الغرب أنه يقود من بلاده قطعاناً له تخديرها إذا شاء واستنفارها إذا شاء؟

ألهذا الرجل منبسطات السهول ومرتفعات الأنجاد ليستغلها بالسياط تلهب ظهور العاملين فيستقطر من جلودهم نضارة ويقيم على عبوديتهم زعامته. .؟

أعرف أن يستغل نزعات طائفة أو مطامح عنصر أو تعصب فئة فاستنبت زعامته من الضغائن وأنماها من الأحقاد؟

أورث مالاً من جدوده فابتاع من متسولات الضمائر مقاماً يسمع الناس منه روائعه وبدائعه؟

أجهل لغة قومه أم تجاهلها، وأعرض عن تقاليد أجداده أم استنكرها، محاولا اقتباس مظاهر تتمرد سريرته عليها؟ هل أقام المآدب وأحيا المراقص فخاصر واستخصر ليثبت أنه آهل للمدنية وقيادة الشعوب إلى النور أم هو توسل على الأقل بالمتابعة متخذاً منا موقع الذنب؟

بأية فضيلة من فضائلنا تحلى هذا الابن ليرفعه من حوله إلى مقام الأرباب؟

ووجمت الأوثان التي عبدت حتى الأمس القريب متسائلة عما إذا كان العهد الجديد المشرقة أنوار ضحاه ولو بعد حين سيرفع لأمثال هذا المتمرد من الأموات أنصاباً وسينادي بأمثاله من الأحياء أرباباً. إن أنوار الحق تتفجر على كل قطر عربي؛ ففي لبنان كما في مصر والعراق وسوريا وبلدان الجزيرة كلها أبطال يقوضون مقاعد الأصنام في السياسة كما قوضها من قبل في الدين رسل الله وأنبياؤه. وها هي ذي أوثان الأمس تتلمس رؤوسها بسواعدها المرتجفة متراجعة بخطوات من فقد ثقته بنفسه

اغربي أيتها الأوثان أيا كنت ومن أية جهة طلعت رسومك على الآفاق، فما النصب الذي يحييه أحرار الأمة الآن بالصنم الذي يزاحمك في هيكل الوثنية، وقد آن لها أن تضمحل. ما نصبنا إلا تمثال عزتنا الجريحة وقوميتنا المضللة؛ إن هو إلا الرمز الكامل لآلامنا وجهادنا في المرحلة التي قدر علينا أن نجتازها، ليرد الاختبار سوانا إلى محجة الصواب ولنعرف نحن أن نميز بين طريق سلامتنا ومهاوي انقراضنا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>