للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٣ - في الحديث المحمدي]

للأستاذ محمود أبو رية

الكذب على رسول الله:

شر الرذائل كلها الكذب، لا يختلف في ذلك أحد، وليس في خلال الإنسان أسوأ من خلة الافتراء، ولا في أدواء الجماعات أعضل من داء البهتان.

ولئن كان الكذب بين الأفراد والجماعات مما يمكن تداركه والقضاء عليه، فإن بلاءه ولا ريب يكون عميما وضرره يكون عظيما إذا كان على مثل رسول الله (ص) فإن الكذب عليه ليس كالكذب على غيره، إذ هو رسول دين عام، وصاحب شريعة للناس كافة. وقد أخرج البزار وأبو يعلى والدارقطني والحاكم في المدخل عن سعيد بن عمرو بن نفيل قال:

قال رسول الله (إن كذبا علي ليس ككذب على أحد)

وقد أتت الرسالة المحمدية بأصول في العقائد ليس لإنسان مهما بلغ من العلم أن يغير أصلا من أصولها، وجاءت بأحكام للعبادات لا يجوز لأحد أن يزيد فيها، أو ينقص منها، أو يعدل شيئا من صورها أو أزمانها؛ لأن الدين كما هو معلوم للدارسين مبني على أصلين (١) لا يعبد إلا الله (٢) ولا يعبد بما أمر. وما عدا ذلك من نظم العمران، وقواعد الاجتماع، فقد وضع له الدين أسساً عامة من العدل والرحمة وعدم الضرر والصدق والأمانة والإحسان وما إليها من الفضائل، وهذه الأسس العامة قد وضعت ليهتدي بها الناس في كل زمان، وتشرق بضيائها على كل مكان

فهذا الذي جاءت به الرسالة المحمدية وبخاصة ما نطق به الرسول، لا يصح أن يشوبه ما ليس منه، ولا يخالطه ما يغايره، ومن أجل ذلك كان أشد ما يخشاه صلوات الله عليه أن يكذب أحد عليه، وقد شدد في هذا الأمر تشديداً عظيماً حتى جعل جزاءه القتل في الدنيا، وعذاب النار في الآخرة

روى البخاري وغيره عن ربعي بن خراش قال: سمعت عليا يقول، قال النبي: (لا تكذبوا علي فإن من كذب علي فليلج النار)

قال الحافظ أبن حجر في شرح هذا الحديث: يؤيده رواية مسلم من طريق غندر عن شعبة بلفظ (يلج النار) وفي رواية يولج. وروى البخاري عن أنس وأبي هريرة وفيهما زيادة لفظ

<<  <  ج:
ص:  >  >>