(متعمداً) ورويت كذلك أحاديث في غير البخاري بهذه الزيادة، ولكن من حقق النظر وأبعد النجمة في مطارح البحث يجد أن الروايات الصحيحة التي جاءت عن كبار الصحابة - ومنهم ثلاثة من الخلفاء الراشدين - تدل على أن هذا الحديث لم تكن فيه تلك الزيادة، وكل ذي لب يستبعد أن يكون النبي (ص) قد نطق بها لمنافاة ذلك للعقل والخلق اللذين كان الرسول متصفا بالكمال فيهما
وأقطع دليل في هذا الأمر الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن الزبير الذي جاء فيه، قلت للزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله كما يحدث فلان وفلان؟ قال: أما أني لم أفارقه ولكني سمعته يقول: من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار) ورواه الدارقطني بهذه الزيادة (والله ما قال متعمداً وأنتم تقولون متعمداً!)
ورواية أبن قتيبة في كتابه تأويل مختلف الحديث (من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار) - وقال - أراهم يزيدون فيه متعمداً، والله ما سمعته قال متعمداً: وفي نسخة (أنهم) يزيدون.
وقال الحافظ أبن حجر في شرح هذا الحديث (وفي تمسك الزبير بهذا الحديث على ما ذهب إليه في اختبار قلة التحديث دليل للأصح في أن الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه سواء أكان عمدا أم خطأ. . . إذ الإكثار مظنة الخطأ. .)
وقال الحاكم في المدخل (إن موعد الكاذب عليه في النار) وقد شدد (ص) في ذلك وبين أن الكاذب عليه في النار؛ تعمد الكذب أم لم يتعمد، في قوله (ص) فيما رواه أبن عمر (إن الذي يكذب علي يبنى له بيت في النار) وقد زاد تشددا بقوله فيما رواه عثمان بن عفان (من قال علي ما لم أقل) فإنه إذا نقله غير متعمد للكذب استوجب هذا الوعيد من المصطفى
ومن روايات هذا الحديث (من نقل عني ما لم أقله فليتبوأ مقعده من النار) قالوا وهذا أصعب ألفاظه وأشقها لشموله للمصحف واللحان والمحرف
الكذب على النبي قبل وفاته:
لقد كذب على النبي صلوات الله عليه وهو حي، فقد جاء في كتاب أصول الأحكام لأبن حزم الظاهري أنه كان حي من بني ليث على ميلين من المدينة، فجاءهم وعليه حلة! فقال إن رسول الله كساني هذه الحلة وأمرني أن أحكم في دمائكم وأموالكم بما أرى. وكان قد خطب منهم امرأة فلم يزوجوه. فأنطلق على تلك المرأة، فأرسلوا إلى رسول الله فقال: