للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الخطيب. . .

لأنطوان تشيكوف

بقلم الأستاذ مصطفى جميل مرسي

(كتب هذه القصة الممتعة أنطون تشيكوف أمير القصصيين في روسيا، منذ حوالي نصف قرن. . . ويسرنا أن نقدمها إلى قراء الرسالة مثالا للحياة الاجتماعية في ذلك العهد المظلم. . . ولعل تلك القصة من القلائل التي أجاد فيها قلم تشيكوف الفكاهي في أسلوب ممتع ومعنى ظريف، يتخللها نقد صريح للتقاليد والعادات التي كانت تغل الناس في ذلك الحين. . .)

مصطفى

. . . في صبيحة يوم مشرق كان (كيريل ايفانفتش بيلولوف) كاتب الجامعة على وشك أن يدفن، وهو رجل مات متأثراً بالآفتين الشائعتين في بلادنا: زوجة سيئة الخلف، وإدمان للخمر

وبينما كان موكب الجنازة يجتاز الطريق إلى المقبرة قفز أحد رفقاء المرحوم ويدعى (بيلافسكي) إلى عربة، وراح يركض بها منقبا عن (جرجوري بتروفتش زبوكين)، وهو رجل - مع حداثته - يتمتع بهيبة ومحبة من معارفه، ويحيط بقسط وافر من العلم - كمعظم قرائي - وقد خلع الله عليه موهبة نادرة في ارتجال الأحاديث التي ينطلق لسانه بها في الأعراس والأعياد والجنازات، وفي قدرته أن يتحدث كيفما وحيثما يشاء. . . في نومه، في خواء معدته، عندما ينتشي لكثرة ما نهل من الخمر، عندما تعتريه الحمى فتسيل الألفاظ من فمه في سلاسة ولطف كما تنساب المياه في الجداول، ويعج قاموسه الخطابي بكلمات لا تدانيها (صراصير) المطاعم في الغزارة والوفرة. أما أسلوبه ففصيح بليغ يفيض بالإطناب والإسهاب، ولذا يلجأ القوم - في بعض أعراس التجار - إلى الاستعانة بالشرطة لإيقاف ذلك السيل المتدفق. . .

وابتدره بيلافسكي حينما عثر عليه في داره قائلا: (لقد أتيت في طلبك - أيها العجوز - هيا

<<  <  ج:
ص:  >  >>