للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فن القصة في الأدب المصري الحديث]

للأستاذ هلال أحمد شتا

طالعتنا (الرسالة) الغراء، في عددها رقم ١٥٧، بمقال طلى للكاتب الأديب الأستاذ محمد علي غريب، ألم فيه بدراسة شائقة لنتاج قصصي مصري شاب. . وقد مهد لدراسته هذه بمقدمة تناول فيها فن القصة في الأدب المصري الحديث.

ولقد كانت هذه المقدمة القصيرة - كما دعت الحال - لمحة خاطفة، وإلمامة مقتضبة، جال فيها قلم الكاتب جولة سريعة كما تجري أحداث الدنيا في عصرنا الحاضر. ولكنها ساقت إلى رأسي هذا البحث الذي أطالع القراء به اليوم: وهو بحث في القصة المصرية ترويت فيه بعض التروي، لأتمكن من الدراسة الهادئة غير العاجلة، ولألم فيه بتاريخ القصة في الأدب العربي، وبقيمة هذا الفن الجميل، وبنشأته في الأدب المصري الحديث، وبالمدارس الغربية التي تأثر بها منشئو القصة في مصر؛ ثم بما حظيت به من جهود الأدباء المصريين، وما بلغته هذه الجهود من توفيق وما قطعته في طريقها نحو السداد.

ويجدر بنا - قبل أن نوغل في الحديث - أن نستعرض ما لهذا الفن الجميل من آثار جليلة في تكوين النفوس والعقول على السواء. فالقصة الناجحة القريبة من الكمال الفني، أبلغ تأثيراً في النفس، وأقوى سلطاناً على العقل، من أي عمل فني آخر. . لأن الفنون الجميلة عامة تفعل في النفس فعلاً، ولا تقوى على أن تفعل في العقل شيئاً. . وإذا نظر الإنسان إلى لوحة فنية بالغة نهاية الكمال، أو إلى تمثال أفرغت فيه عبقرية فنان موهوب، أو إذا استمع قطعة موسيقية تضافرت فيها براعة نفر من نوابغ الواضعين والعازفين، فستطغى على نفسه موجة من الشعور بالسرور أو بإحساس يشبه السرور والنشوة، ولكن عقله لن يتأثر بذلك شيئا. . في حين أن القصة الناجحة قد تخلق من قارئها إنساناً جديداً، وقد تسوق إليه رأيا يحتل من عقله موضع العقيدة. .

ومن أجل هذا عني الغربيون في نهضاتهم القديمة والحديثة بفن القصة عناية بليغة. فاستطاع قصصيوهم أن يخلقوا بفنهم جماعات قريبة من الكمال. . وكان لهذا الفن في نهضتهم الحديثة أثر جليل ملموس.

وليس مغالياً من يقول: إن فن القصة قد أبرز إلى ميدان الزمن والتاريخ فرنسا الحديثة،

<<  <  ج:
ص:  >  >>