للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفريقان المتحاربان في فلسطين الحق والباطل]

للدكتور عبد الوهاب عزام بك

سفير مصر لدى المملكة السعودية

يحترب في فلسطين فريقان: فريق العرب يذود عن ذماره، ويدفع عن حقه، ويدعو إلى النصفة والعدل، وإلى أن يعيش هو وخصمه أمة واحدة في بلد واحد، لكل حقه وعلى كل واجبه وفريق آخر من شذاذ الآفاق وخبث الأقطار، يلجون على العرب ديارهم بأيديهم المال والسلاح، وما أورثهم تاريخهم والعيش الذليل في أوربا من ختل وغدر، يظنون أنهم صاروا أمة لأن باطلاً يجمعهم، وعدواناً يربط بينهم، وكل فرقة منهم تنمي أمة، وكل جماعة تنتسب إلى بلد، وكل فرد يحل سحنة تنافر سحنة أخيه ولا تشبهها إلا في سمات اللعنة فيها، ومياسم الخزي عليها ويقول هؤلاء الأرذلون: لا نرضى نصفه معكم ولا مساواة بكم ولكنا نريد وطناً ودولة وأنف الحق راغم، ودعوة العدل صاغرة وإن لنا قوة من سلاحنا ومالنا وحيلنا وغدرنا وخيانتنا. ولنا أعوان في أوروبا وأمريكا يسخرون بالمال ويسخرون بكل الوسائل رؤساء الدول، وأئمة الساسة، وأصحاب الصحف، وبيدهم المصارف، ودور السينما وكل وسائل النشر والتضليل، فيا أيها العرب المساكين! أفسحوا المجال لدولة إسرائيل!

ويقول العرب: لا لا بل تعالوا إلى كلمة سواؤ، نسويكم أيها الطراء المتطفلون بأهل البلاد الذين أقرهم التاريخ فيها لا يعرفون غيرها وطناً، ولا يتخذون غيرها داراً، فهلموا إلى الدولة الواحدة، والشريعة العادلة، والتآخي والتناصف.

فتقول هذه الوجوه الملعونة، وهذه الفئات الطريدة: لا لا إن أرضكم لنا، ودياركم لدولتنا، فانزلوا على حكمنا صاغرين. . .

ويحمي العربي، وهو سمح لا خنوع، وجواد لا جبان، وحليم لا ذليل، ويستنصر حقه، ويتوكل على ربه ويستمد سجاياه وشيمته، وأخلاقه ومكارمه، ثم يستوحي تاريخه ويحشد مآثره فيستبق إليه من أحداث تاريخه ومآثره أمته ما يثبته في المحنة، ويوقره في الشدة، وينثال إليه من عز ماضيه ومجد سلفه ما يهون عليه كل خطب، ويقحمه كل هول.

ويصول عليه عدوان اليهود ومن ورائه مدد من قوى أوروبا وأمريكا، وتدور به خدع

<<  <  ج:
ص:  >  >>