للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

للأستاذ عباس خضر

على هامش اليونسكو:

يوالي مؤتمر اليونسكو عقد جلساته في بيروت، وتلقى في هذه الجلسات خطب تتضمن الإشادة بمثل الثقافة الإنسانية والتعاون العالمي في الميدان الفكري، وتقدم اقتراحات، وتؤلف لجان. ويلاحظ في تبادل التحيات بين ممثلي الدول المختلفة، ما يبديه رجال الغرب من تنويه بفضل ثقافة العرب على الحضارة الغربية، وعزم على توثيق الروابط الفكرية بين الشرق والغرب، ثم ثناء على كرم الضيافة العربية.

وكل ذلك جميل رائع، ولكن لست أدري أي شيطان بعث إلى تصوري بجانب ذلك صورة كلاب الحراسة التي ضربها أستاذنا الزيات مثلاً للمهذبين من بني آدم. . . قلت في نفسي، أو قال لها ذلك الشيطان: إنها نوبة التهارش! ألست تتمثل أولئك المندوبين العالميين في قصر اليونسكو تحت ظلال أشجار الأرز بلبنان. .؟ يكادون يذوبون من فرط الرقة والتلطف والمجاملة فليس هناك وجبة تقدم ولا عظمة في حواشي الفناء. . . . المسألة كلها خطب وفلسفات، فما الداعي إلى العراك وتحلب الأشداق واحمرار الأحداق؟ هذا مكانه (ليك ساكسس) و (قصر شايو) حيث يأكلون لحم الأمم الصغيرة وعظامها أيضاً. أما في مؤتمر الثقافة فلا بأس من التظاهر بالتعاطف والثناء على الشرق وكرم الضيافة العربية. وسينفض المؤتمر ويترك الحبر على الورق ويعود المندوبون رجال سياسة، كما يعود الزعماء والوزراء وغيرهم من الكبار إلى قصورهم ومكاتبهم بعد زيارة الفلاحين في حقولهم وتقديرهم لمجهود الفلاح وفضله، ورثائهم لسوء عيشه، ووعدهم بتحسين حاله ورفع مستواه.

وعد بنا إلى كلاب الحراسة تحت ظلال الشجر. . . هذه الكبار توطئ أكتافها للصغار وتبدي لها الود، وهؤلاء مندوبو الغرب يقترحون على اليونسكو مساعدة اللاجئين الفلسطينيين في حدود اختصاصها، ويشكرهم مندوبو البلاد العربية. ويقول لي ذلك الشيطان: أترى في ذلك أكثر من العطف العقيم في أثناء التهارش تحت ظل الأشجار. . . أم ترى اليونسكو تعمل شيئاً جدياً لهؤلاء المساكين غير (التوصيات). . .!

<<  <  ج:
ص:  >  >>