للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كما يرانا غيرنا]

رجولة باكرة

للأستاذ عبد اللطيف النشار

كان السائح الأمريكي (بايارد تيلور) شاعراً كاتباً ذا ولع

بالأسفار وقد ولد في (بسيلفيانيا) عام ١٨٢٥. وألف كتبا كثيرة

في وصف رحلاته منها كتاب يصف فيه رحلة إلى السودان

ومصر ومنه نقتطف هذه القطعة

وقد عين سفيراً للولايات المتحدة في برلين وعاش مدة طويلة هناك وتوفي عام ١٨٧٨ وهو يشغل هذا المنصب الرفيع

قال:

من بين الموظفين المصريين الذين عرفتهم في الخرطوم سيد كان قد نفاه إليها والي مصر. وهذا السيد المنفي هو رفاعة رافع الطهطاوي، وهو من ذوي الثقافة العالية والذكاء المتوقد، وقد أحزنه كل الحزن إبعاده عن وطنه وعن أهله إلى هذا البلد السيئ الجو الذي عانى فيه ألما شديداً بسبب الحمى المنتشرة فيه

وكان لا يعرف إلى أي مدى تطول مدة نفيه. وقد قضى إلى الوقت الذي لقيته فيه عامين في المنفى خاضعاً لرقابة شديدة تَفْرض عليه ألاَّ يتسلم خطاباً إلا عن طريق الحكومة التي تفض رسائله لتعرف ما بها. وقد امتنعتْ عليه بهذه الوسيلة صلته بأصدقائه في مصر ممن يخشون عواقب تلك الرقابة. ولم يكن في وسعي أن أعرف السبب الذي نفي من أجله، وقد يكون هو نفسه غير عالم بسبب هذا النفي

وليس في البلاد الشرقية انتخابات عامة ولا للشعوب الشرقية رأي في اختيار حكامها، فكل من بها من الحكام يعينهم الولاة وفق أهوائهم ولا يستطيعون الاحتفاظ بمناصبهم إلا كما يريد الولاة. وقد يدفع التنافس أو الحسد واحداً من الباشوات إلى إهلاك خصم له بريء غافل عن سبب الكيد. وربما كان سبب الكيد لا يعدو أن يكون أحدهم طامعاً في منصب

<<  <  ج:
ص:  >  >>