[رثاء الفنان]
للأستاذ الشاعر علي محمود طه
أسألكم: ويح من يُجيب! ... ما خطبكم؟ لم يَمتْ نجيب
ما مات من أضحك المآسي ... من قَدَرٍ صُنعُهُ عجيب
وصير الدمع في المآقي ... على ابتساماته يذوب
وجمَّل العيش للحزاني ... فكل حال به تطيب
وأنصف الدهر من حظوظ ... تُخطئ في الناس أو تُصيب
ومثَّل الزَّيْف من حياة ... مُرَقعٍ ثوبُها القشيب
كادتْ لتمثيله الليالي ... تبكي، وتستعبر الخطوب
وكاد منه الزمان يُغضى ... خِزياً، وتستغفر الذنوب
مُعلِّمٌ ماله ضريبُ ... معهدُهُ المسرحُ الحبيب
فتىً كطير الربيع روحاً ... موهوبةٌ نفسُه وهوب
البارعُ اللفظ في بيانٍ ... يحار في صوغه الأديب
كأنه ما ثلٌ لعيني ... وعهده بالنوى قريب
حلوُ الأشارات في سِماتٍ ... له بتصويرها ضروبُ
وصوته ملء كل سمع ... تهفو لأيقاعه القلوب
أستاذ جيل إلى نِداهُ ... عواطفُ الجيل تستجيب
يعلمُ الشعبَ أو يُسلي ... من شفَّهُ الهمُ واللغوبُ
في قصةٍ مُرَّةٍ حوَتها ... ملهاته الحلوةُ الطروب
أو مُلحةٍ عذبة جلاها ... أسلوبُه الساخر اللعوبُ
يُلقى بها ضاحكاً ويمشي ... وقلبه ساهم كئيب
حياتنا مثلما رآها ... صورها ناقد لبيب
مصرية الذوق لم يشبها ... تصنع لفظه مشوب
ولم تلفق ولم تنمق ... بها الأباطيل والعيوب
حقائق لم يوار منها ... مجامل هازل هيوب