للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[العبقرية]

ليست العبقرية ملكة بسيطة، بل هي في الحقيقة مجموعة قوى أو

ملكات متحد بعضها ببعض. هذه القوى والملكات يمكن إرجاعها إلى

ثلاث رئيسية هي:

(ا) مخيلة حية تثيرها للعمل حساسية شديدة أو عاطفة مشبوبة متقدة. . .

(ب) عقل قوى مفكر ناضج. . .

(جـ) إرادة قوية حازمة

ونحن لا يمكننا أن نعرف الفكر الخالق إلا خلال ما يصدر عنه من أعمال، ولا يمكن أن تنفصل العبقرية عن القوة الخالقة التي توجد بالضرورة في الإرادة القوية

هذه العناصر السيكولوجية لازمة بالضرورة للعبقرية، ولا بد أن توجد كلها عند كل عبقري، ولكنها تختلف في واحد عنها في آخر، بمعنى أنها توجد بنسب متفاوتة باختلاف العباقرة وإن وجدت فيهم جميعاً، فليس هناك عبقري ينقصه أي عنصر منها بل تتحد كلها فيه وإن ساد عنصر من تلك العناصر على بقية العناصر الأخرى عند عبقري معين، وساد عنصر آخر عند عبقري آخر وهكذا، فهي لازمة كلها لإنتاج الأعمال العظيمة التي تحتاج إلى عبقرية خاصة، سواء أكانت تلك الأعمال إنتاجاً فنياً أم اكتشافاً علمياً أم صناعياً أو غير ذلك.

وهناك نهاية معينة يدركها الذهن القوي الراقي، وهي نهاية أو غاية أسمى وأعظم من أن تتصورها الأذهان الشعبية العامة غير المستنيرة أو ترقى إليها. هذه النهاية نسميها تصور أو إدراك العبقرية هذا التصور أو الإدراك موجود، ولكن يجب إيجاد وسائل تحقيقه، أي يجب أن نعرف كيف نحقق تلك النهاية أو الغاية. إن المخيلة الحية والعاطفة المشبوبة تجعلاننا نتصور تلك النهاية ونحسها ونرغب فيها بشدة، وتقدمان لنا ما وسعهما من وسائل، ولكنها وسائل مضطربة في الحقيقة غير مرتبة ولا منظمة. فالمخيلة والحساسية والعاطفة لا يمكن للإنسان أن يعمل بها وحدها شيئاً ذا أهمية إن لم يتدخل العقل الآمر الناهي في الأمر فيختار الأحسن ويترك ما لا يصلح ويربط بين ما يختار ويرتبه وينظمه. فعمل العقل - في كل شيء - هو الاختيار والترتيب والربط. ثم يجيء بعد ذلك دور الإرادة، فإنها هي

<<  <  ج:
ص:  >  >>