للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٤ - الشخصية]

للأستاذ محمد عطية الابراشي المفتش بوزارة المعارف

العناصر الرئيسية التي تتكون منها الشخصية القوية: -

تكلمنا فيما مضى عن الجاذبية، والنشاط العقلي، والمشاركة الوجدانية، والشجاعة، من العناصر الرئيسية المكونة للشخصية القوية. والآن نتكلم عن بعض العناصر الأخرى المقوية للشخصية كالحكمة، والتفاؤل، والتواضع، ومظهر الإنسان وقوامه، وقوة البيان وأثرها في الشخصية فنقول.

الحكمة:

إن شخصية الإنسان لا تكون متينة إلا إذا زانتها الحكمة والعلم والحزم، ووضع الأشياء في مواضعها، وقدرها حق قدرها. والرجل الحكيم هو السديد الرأي، البعيد النظر، الحسن التقدير، الذي يعرف الحق فيتمسك به، ويفعل ما يجب أن يفعل، ويترك ما ينبغي أن يترك، ويقول ما يجب أن يقال، يرى الفرصة فينتهزها، ويشعر بالطريق المستقيم فيسلكه، يحس بنتيجة الشيء حتى قبل حدوثها، ويعامل غيره بما يحب أن يعامل به، ويحكم على غيره بما يود أن يحكم به عليه، يحب لأخيه ما يحب لنفسه. وإذا حكم على غيره كان حكمه بعيداً عن الأهواء والأغراض، تتمثل فيه النزاهة والعدالة. كل هذه الصفات نتيجة الحكمة وحسن التقدير. والحكمة صفة أساسية في تكوين الشخصية السامية. أما إذا انتفت الحكمة فان الإنسان يكون واهن الرأي، مضطرب البصيرة، سيئ الحظ، عاثر الجد، ضعيف الشخصية، يعجز عن تقدير الأشياء، ويفعل ما يجب ألا يفعل، ويهمل أموراً تجبُ العناية بها، ويهتم بأشياء لا قيمة لها، يحب ما ينبغي أن يكره، ويكره ما ينبغي أن يحب، فيصبح ضحية لوجداناته وأقواله وأفعاله، ويصير مكروهاً لدى من يعرفونه.

ومن الحكمة أن نجتهد في إرضاء الناس - وإن كان إرضاؤهم جميعاً غاية لا تدرك - من غير أن نضحي بمبدأ من مبادئنا، أو مظهر من مظاهر رجولتنا حتى نمتلك قلوبهم، وهذا دليل على وجود الشخصية القوية الجذابة.

وكثيراً ما تفسد الحكمة وتشوه بالفخر، أو التكبر، أو الحقد، أو الغيرة، أو الغش. فينبغي أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>