للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على هامش (أحلام شهرزاد)]

٢ - قضية اليوم

للأستاذ دريني خشبة

قالت فاتنة: (أكتب يا صاحبي. . . أكتب. . . أكتب ولا تظنن أن الذي تكتب سيغضب صاحب شهرزاد أو المعجبين بصاحب شهرزاد وما أظنك إلا كنت واحداً منهم، إن لم تكن ما تزال واحداً منهم. . . ثق يا صاحبي أن مبدع شهرزاد لا يخرجه نقد ما أبدع لأنه أخذ على نفسه عهداً بأن يُنفِّذ فيها أحكام الزمان، قاضية في (القصر المسحور). وهل نسي القراء بعد ذلك الحكم الذي أصدره الزمان - القاضي العادل - على مبدع شهرزاد، في الفصل الأخير من القصر المسحور؟ إن كانوا قد نسوا هذا الحكم فاكتبه هنا لهم عساه أن ينفعهم فيما نحن بسبيله اليوم من أمر تلك القضية التي أحدث ضجتها الخرّاصون وأرجف بها المرجفون. . .

حكم الزمان: (والآن وقد سمعنا ادعاء المدعين ودفاع المتهم الأول، ولاحظنا اعتزال من اعتزل وعدول من عدل عن الاتهام، نقرر أن من حق الأديب أن ينشئ أشخاصه كما يريد هو لا كما يريدون هم، بل إن من الحق على الأديب أن يتلقى أشخاصه كما يؤديهم إليه فنه، لا يغير من صورهم التي تلقاهم عليها ولا يبدل، ولو حاول ذلك لما استطاعه ولما وجد إليه سبيلاً.

ولمن شاء أن ينكر عليه أو على فنه هذه الصورة كلها أو بعضها، وأن يعيب عليه أو على فنه ما يكون فيها من ضعف أو نقص أو تشويه، وما ينبغي لهذه الأشخاص نفسها أن تثور بمنشئها أو تمكر به أو تكيد له أو تتألب عليه، أو تبغي له سوءاً أو تستنزل عليه عقاباً؛ فإن فعلت فهي طاغية يجب أن ترد عن طغيانها، وباغية يجب أن تصد عن بغيها، وجامحة يجب أن يكبح جماحها، ومنشئها وحده هو القادر على ذلك. وسبيله إليه ترقية فنه وتجديده واصطناع الأناة والدقة والإتقان في التصوير والتعبير جميعاً. ولما كان المتهم نفسه قد أعلن تواضعه واعترف بقصوره وسلم بأنه في حاجة إلى أن يسعى ويطيل السعي، وإلى أن يجد ويمعن في الجد، لا ليبلغ الكمال، بل ليدنو منه.

ولما كنا نقدر للمتهم تواضعه وطموحه إلى الكمال، واعترافه ببعد الأمد أمامه؛ ولما كنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>