هذا وقد نسب الشيعة إلى الإمام على أنه (كان يعرف السماء زقاقا زقاقا) فهل أريد بذلك الغلو في علم الأيام أم هل أريد به أن السماء لم تعد مجاهل فامتدت إليها يد الإصلاح بالتنظيم والتعمير حتى صارت بها الشوارع والأزقة والدروب؟.
ولا ينبغي أن نغفل شأن أهل السماء وروادها من أصحاب الفلك، الذين جعلوا علما ثابت القواعد مأمون المناهج معروف الغايات. . .
والتنجيم في جوهرة استجابة صادقة للنزاعات الطامحة في الأجيال إلى كشف مجاهل السماوات العلا، وإهمال هذا الجانب ليس إلا نقصاً في المعرفة الإنسانية الكاملة، لهذا كانت الدعوة الإسلامية حريصة على الحث عليها لما لها في تحرير العقل، وتعريفه بقدرة الله العلي الأعلى
والكواكب سيارة وثابتة. أما الأولى فهي السبع المشهورة: زحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر، وهي مرتبة تنازلياً من السماء العليا إلى الدنيا، لهذا كان القمر أقرب السيارات منا، وزحل أبعدها، أما الثانية فكلها في السماء الدنيا
ويتناول علم النجوم أفلاك الكواكب ومنازلها بالبروج وأدوات الرصد وغير ذلك، مما يجعل الباحث فيه من أصحاب المعالي
وإذا تتبعنا نشأة التفكير الحر في الأوساط الإنسانية نرى أن الفلسفة اليونانية هي التي تمثل تطور الفكر من مهده إلى رشده، فقد بدأ الطبيعيون الأولون ينظرون إلى الوجود في حرية واستقلال بعد أن خلعوا عن كاهلهم نير الأساطير والتعاويذ، واتجهوا بأنظارهم إلى أصل الأشياء
وانتقل الفيثاغوريون بعدهم إلى الأعداد والأنغام غير ناظرين إلى المحسوسات وتخطاهم (بارمنيدس) إلى الوجود من حيث هو الوجود، واهتدى إلى (الله) واستنتج صفاته على نمو