عام ١٣٥٢ أشرقت الشمس على الدنيا شمس محرم في اصفرار يشبه الكسوف أو انكسار يقارب المذلة! كأن صبحه الضاحي لم يغرق الكون بالنور، ويخرج العالم من الضلالة! وكأن يومه الأغر لم يغير وجه الزمان وينتصب علما في تاريخ الخليقة! أو كأن الهجرة التي يشع هذا اليوم بذكراها لم تدفع الإنسانية في طريق الكمال آلافاً من المراحل وهي على بعيرين هزيلين يتنكبان الجواد ويمشيان على كلال ووجل! وكأن الفلك لم يدر به القرون الطوال على دين حرر العقول، وملك طبق الأرض، وحضارة مدنت العالم! ولكن ليت شعري لم لا تنكسف شمس المحرم، وهي إنما تطلع اليوم على أطلال من المجد والملك والخلق لا تبعث في العين غير الدموع، ولا في النفس غير الكآبة؟!
لقد أصبحنا وما نملك لذكرى الهجرة إلا مظهرا وضيع الشأن قاصر
الدلالة: عطلة رسمية في الحكومة، وحفلة كلامية في جمعية الشبان!
أما المظهر الشعبي الذي يغمر الشعور بالبهجة، ويعمر القلوب بالعزة،
فكأن نفوسنا لم تتهيأ له بعد!
وفي العراق (وا أسفاه) يستقبلون المحرم بلدم الصدور بالأكف، وضرب الظهور بالسلاسل، وإقامة المناحات في الشوارع والمنازل، فيضيع بذلك عيد المجد النبوي في مأتم السبط الشهيد، وتأبى هذه المصادفة المشئومة على حكومة بغداد، أن تجعل يوم الهجرة عيداً من الأعياد.! وفي سائر البلاد الإسلامية يمر هذا اليوم المسكين فلا يعلنه تقويم ولا يحفله أحد!
رحماك اللهم! فأين الشرق من الغرب!! وأين المحرم من يناير؟!
نهضة العراق: كثر اليوم حديث الصحف المحلية عن العراق ونهضة العراق، وفي ذلك رضا للعاطفة التي أحملها لهذه البلاد الكريمة يدفعني إلى إعلان هذا الفوز. فوزارة المعارف تريد على ما روت إحدى الصحف أن تستعين بما وضعته معارف العراق من الأناشيد، في تقرير هذا النظام الجديد. وتنشر الصحف أن لجنة ألفت في وزارة المعارف العراقية (لتغيير) الأناشيد المدرسية! فتقدم إليها على الفور جمعية الرابطة الأدبية في بغداد ثلاثين نشيداً منها: تحية العلم، الحرية، تربية الطفل، المطر، تدبير المنزل، تحية الملك: نشيد النهضة، نشيد الوحدة، نشيد الحماسة، نشيد الفتاة، النشيد الوطني، الرياضة، الكشافة،