قال عمر بن الخطاب لعمر بن معدي كرب: صف لنا الحب، قال: مرة المذاق إذا كشفت عن ساق، من صبر فيها عرف، ومن نكل عنها تلف.
وقال هشام بن عبد الملك لأخيه مسلمة: هل دخلك ذعر قط لحرب أو عدو؟ قال ما سلمت من ذلك من ذعر نبه على حيلة ولم يغشني ذعر سلبني رأيي. قال هشام: هذه والله البسالة.
وسئل بعض أهل التمرس بالحرب: أي المكائد أحزم؟ قال إذكاء العيون، وإفشاء الغلبة، واستطلاع الأخبار، وإظهار السرور، وأمانة الفرق، والاحتراس من المكائد الباطنة، من غير استصغار لمستنصح، ولا استناد لمستغش، واشتغال الناس عما هم فيه من الحرب بغيره.
وكان بعض أهل التمرين بالحرب يقول لأصحابه: شاوروا في حربكم الشجعان من أولى العزم، والجبناء من أولى الحزم، فإن الجبان لا يألوا برأيه ما بقى مهجكم، والشجاع لا يعدو مايشد بصائركم، ثم خلصوا من بين الرأيين نتيجة تحمل عنكم معرة الجبان، وتهور الشجعان، فتكون أنفذ من السهم الزالج، والحسام الوالج. ولما فتح عمرو بن العاص قيسارية، سار حتى نزل غزة، فبعث إليه علجها أن ابعث إلى رجلا من أصحابك أكلمه، ففكر عمرو وقال ما لهذا أحد غيري، فخرج حتى دخل على العلج فكلمه فسمع كلاما لم يسمع قط مثله، فقال العلج حدثني هل في أصحابك أحد مثلك؟ قال لا تسأل عن هذا إني هين عليهم إذ بعثوا بي إليك وعرضوني لما عرضوني، ولا يدرون ما تصنع بي، فأمر له بجائزة وكسوة، وبعث إلى البواب: إذ مر بك فاضرب عنقه وخذ ما معه، فخرج من عنده فمر برجل من نصارى غسان فعرفه، فقال: يا عمرو قد أحسنت الدخول فأحسن الخروج، ففطن عمرو لما أراده فرجع، فقال له اللج ما ردك إلينا؟ قال نظرت فيما أعطيتني فلم أجد ذلك يسع بني عمي فأردت أن آتيك بعشرة منهم تعطيهم هذه العطية، فيكون معروفك عند عشرة خيراً من أن يكون عند واحد، فقال صدقت عجل بهم. وبعث إلى البواب أن خل سبيله.
كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص رضوان الله عليهما: أما بعد فإني آمرك