للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو وأقوى المكيدة في الحرب، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسا من المعاصي منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم الله، ولولا ذلك لم تكون لنا بهم قوة. . ولا تعملوا بمعاصي الله وانتم في سبيل الله. . . واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم، أسأل الله ذلك لنا ولكم. وترفق بالمسلمين ولا تجشمهم مسيراً يتعبهم ولا تقصر بهم عن منزل يرفق بهم حتى يبلغوا عدوهم والسفر لم ينقص قوتهم، فإنهم سائرون إلى عدو مقيم حامي، الأنفس والكراع، وأقم بمن معك في كل جمعة يوما وليلة حتى تكون لهم راحة يحيون فيها أنفسهم ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم، ونح منازلهم عن قرى أهل الصلح والذمة فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه ولا يرزأ أحد من أهلها شيئا فإن لهم حرمة وذمة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا بالصبر عليها، فما صبروا لكم فتولوهم خيراً، ولا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح. وإذا وطئت أرض العدو فبث العيون بينك وبينهم ولا يخف عليك أمرهم، وليكن عندك من العرب أو من أهل الأرض من تطمئن إلى نصحه وصدقه فإن الكذوب لا ينفعك خبره وإن صدقك في بعضه والفاش عين عليك وليس عينا لك، وليكن منك عند دنوك من أرض العدو أن تكثر الطلائع وتبث السرايا بينك وبينهم فتقطع السرايا إمدادهم ومرافقهم وتتبع الطلائع عوراتهم، وتنق الطلائع أهل الرأي والبأس من اصحابك، وتخير لهم سوابق الخيل، فإن لقوا عدوا كان أول ما تلقاهم القوة من رأيك، واجعل أمر السرايا إلى أهل الجهاد والصبر على الجلاد، ولا تخص بها أحدا يهوى فتضيع من رأيك وأمرك أكثر مما حييت به أهل خاصتك، ولا تبعثن طليعة ولا سرية في وجه تتخوف فيه غلبة أو ضيعة ونكاية، فإن عاينت العدو فأضمم إليك أقاصيك وطلائعك وساياك وأجمع إليك مكيدتك وقوتك ثم لا تعاجلهم المناجزة ما لم يستكرهك قتال حتى تبصر عورة عدوك ومخاتلته وتعرف الأرض كلها كمعرفة أهلها فتصنع بعدوك كصنعه بك، ثم أذك حراسك على عسكرك وتيقظ من البيات جهدك، ولا تؤتى بأسير ليس له عقد إلا ضربت عنقه لترهب به عدو الله وعدوك. والله ولى أمرك ومن معك وولى النصر لكم على عدمكم والله المستعان. قال خالد بن الوليد عليه رضوان الله عند موته: لقد لقيت كذا وكذا زحفا، وما في جسمي

<<  <  ج:
ص:  >  >>