واستمرت المكاتبة والمهاداة بين الملوك من بني جوجر وبين سلاطين مصر زمناً طويلاً، وقد فصلت كتب التاريخ بعض المراسلات بين الدولتين ولا سيما بين بركة والملك الظاهر بيبرس حين كان المسلمون في فزع من التتار وبخاصة هلاكو وأشياعه من الذين غزوا ديار المسلمين حتى استولوا على بغداد ثم تجاوزوا إلى الشام حتى وقف سيلهم بعد موقعة عين جالوت سنة ٦٥٨هـ
لما بلغت مصر أفواج التتار من أصحاب بركة الذين قدمنا الكلام عنهم، وعلم الملك الظاهر بيبرس بإسلام الملك بركة وعرف أحوال مملكته ومقر ملكه؛ أرسل إليه رسلاً معهم اثنان من التتار الذين قدموا إلى مصر
وحمل الرسل كتاباً إلى الملك بركة يرغبه في الجهاد ويحثه عليه، ويصف له جند المسلمين وكثرتهم وأجناسهم ويذكر من في طاعة الملك الظاهر من ملوك الأقطار، ومن هادنه وصالحه من ملوك الفرنجة وغيرهم، ويخبره بقدوم التتار من أنصاره إلى الديار المصرية، وأنه لم يأل في إكرامهم والحفاوة بهم، وإنزالهم المنازل الرفيعة
جمع السلطان الأمراء والأعيان وأمر أن يقرأ عليهم الكتاب، واستشارهم فيه، فاستحسنوه
يقول القاضي ابن عبد الظاهر كاتب السلطان بيبرس:(ولما كان يوم الخميس ثاني المحرم سنة ٦٦١ جلس السلطان مجلساً عاماً فيه جميع الناس، وجماعة التتار الواصلين، ورسل السلطان المتوجهون إلى الملك بركة، وحضر الإمام أمير المؤمنين الخليفة الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد. . . أمين الخليفة المسترشد بالله. وبايعه السلطان بعد ثبوت نسبه عند قاضي القضاة تاج الدين بن بنت الأعز. وبايعه الأمراء والعامة والتتار الواصلون، والرسل إلى الملك بركة، ولما تمت هذه البيعة المباركة حصل الحديث معه في إنفاذ الرسل إلى الملك بركة فوافق على ذلك ثم قرء الكتاب ثانياً بحضوره وانفصل المجلس)
(ثم أمر السلطان بعمل نسبته الطاهرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكتبت وأذهبت وسيرها إلى الملك بركة)