[من وحي الطبيعة المصرية]
تحت الشراع
للأستاذ محمد عبد الغني حسن
املئي أُذْني بألحان الصباحْ ... واسكُبي فيها شُعاعَ المغربِ
فشَذا العشبِ على الضِّفةِ فاحْ ... وتمشَّى في الأصيل المُذْهَب
وجرى النيلُ على تلك البطاحْ ... فضّةً قد مُزجتْ بالذَّهب
وشدا الملاحُ للركْبِ وراحْ ... يتلهَّى في شِراع المركَب. . .
اسمعي للنيل هَمْساً وخريراً ... مثلَ هَمْسِ الخائفِ المرتقب
موَّجتْه الريحُ. . . فارتدّ كسيراً ... كلُجينٍ ذائبٍ مُنْسكب
إن للموج شهيقاً وزفيراً ... كفؤاد العاشق المضطرب. . .
وجرى ماؤكَ يا نهرُ نَميراً ... سائغَ الطعم هنيَء المشرب
الغواني جِئنَ يملأنَ الجِرارا ... يَتَثنَّينَ كلُدْنِ القُضب
ويسابقن مع الطيرِ النهارا ... نُفُرَ الخَطوِ خِفافَ الموْثب
آه ما أجمل هاتيك العذراى ... رافلاتٍ في الثيابِ القُشب
آنساتٍ قد تكلَّفنَ الوقارا ... وتعلمن نِفارَ الربْرب
والضحى يَسكب في النهر لجينا ... فبدا مثلَ بياض السُّحُب
وإذا النهرُ كمرآة تُسنَّى ... في إطارٍ مُثْقلٍ بالعشُب
والنسيمُ الرطبُ فيها يتثنَّى ... ويوشِّيها بمثْلِ الحَبَب
وشدا الطيرُ على الماء وغنَّى ... فوقه من خِفَّةٍ أو طرب
وهنا الصفصاف منشور الذوائب ... كالعذارى النافراتِ العُرُب
وسوادُ الظل في الجدول ذائبْ ... كبياضٍ فاتن مختصب
ترتمي في حضنه تلك القواربْ ... هارباتٍ من لسان اللهب
يلتقي الأحبابُ فيه بالحبائبْ ... ويُثَنَّى جِدُّه باللعبِ
محمد عبد الغني حسن