للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التاريخ في سير أبطاله]

أحمد عرابي

أما آن للتاريخ أن ينصف هذا المصري الفلاح وان يحدد له

مكانة بين قواد حركتنا القومية؟

للأستاذ محمود الخفيف

مازالت إنجلترا وفرنسا بالسلطان حتى استطاعتا إقناعه بعزل إسماعيل فخلفه على أريكة مصر ابنه توفيق، وفي عهد توفيق قدر لمصر أن تنبعث فيها ثورة وقدر لأحمد عرابي أن يكون زعيم تلك الثورة. . .

وما أشبه توفيقاً في بلويس السادس عشر ذلك الملك المسكين الذي قال عنه بعض المؤرخين إنه ورث عن أسلافه الثورة والعرش معاً؛ فلقد تجمعت عوامل الثورة الفرنسية قبل عهده، وما زالت تنمو وتتزايد، وما زالت تلك الأقلام الجبارة أقلام فلتير وروسو ومنتسكيو وإضرابهم تحدوها وتمهد الطريق لها حتى جاء عهد ذلك الملك فاضطرب البركان ثم انفجر فكانت الرجفة التي زلزلت فرنسا زلزالاً شديداً

وأرى توفيقاً قد ورث عن سلفه كذلك العرش والثورة، فلقد تجمعت عوامل الثورة العربية في عهد ذلك السلطان، ثم راحت تحدوها وتمد لها الطريق أقلام جمال الدين وتلاميذه حتى جاء عهد توفيق فانبعثت الرجفة!

لم تكن الثورة العرابية حركة عسكرية فحسب كما يحلو لكثير من المؤرخين أن يصوروها عن عمد أو عن غفلة، وإن الذين يفعلون ذلك منهم ليأتون من ضروب الخطأ ما نعجب كيف يحملون على قبوله أنفسهم وعقولهم، وإنما كانت الثورة العرابية إذا أردنا وصفها في جملة: التقاء الحركتين الوطنية والعسكرية واندماجهما. فلما ذهب عرابي إلى الخديو على رأس جنده ذهب يحمل إليه مطالب الجيش ومطالب الأمة معاً، ومن ذلك الوقت صار سلاح الثورة السيف وقد كان سلاحها القلم، أو بعبارة أخرى حارت قيادتها بين السيف والقلم!

أخذت إنجلترا وفرنسا تتنافسان ففي بسط نفوذهما في مصر منذ حملة بونابرت؛ ولكنهما

<<  <  ج:
ص:  >  >>