[نجوى النيل]
للأستاذ محمود الخفيف
مضيت إلى النهر وقت الطفل ... وقد لبس الأفق أبهى الُحلَلْ
وألقت عليه ظلال الغروب ... صفاء تتوق إليه المقلْ
ورَفَّت على الشْط خضر الرياض ... وراق الخريف بها واعتدلْ
ولاح ليَ النيل في منظر ... تناهى الجمالُ به واكتملْ
تَرَوّحت النفسُ فيه الهدوَء ... ولاحَت لعيني سِمَات الجذلْ
تذكرت قوليَ في عَذْله ... فأَشْرَبَ وجهيَ صَبْغُ الخجلْ
ورحت أجدد عهد الولاء ... كمن تاب عن ذنبه فاسْتَهَلْ
أتيتك يا نيل مستغفراً ... وعندك يُنْسى رقيق العَذَلْ
فمنك الوفاء ومنك الصفاء ... ومنك المودة منذ الأزلْ
وما كان عتبيَ إلا الوداد ... وما كان ودِّيَ بالمفتَعَلْ
لئن عُدْتُ أُحْكِمُ فيك القريض ... فلي في صفاتك وِرْدٌ عَلَلْ
يروق حديثك إما استعيد ... وما هو إن طال بالمبتَذَلْ
ويَمْلك قَلبيَ حين أراك ... لذيذُ الخيال وحلوُ الثَمَلْ
طيوفٌ من الحسن رفَّافةٌ ... تريك من السحر ما يُستَحلْ
ألذُّ من الحلْم جَمَّ الرُؤى ... لياليَ عهد الصبا المُقْتَبَلْ
وأعذب من خلجات المنى ... وأجملُ من بارقات الأمَلْ
وأطيب من ذكريات الغرام ... والطفُ من لمحات الغزَلْ
وأشهى من الماء حلوَ الصفاء ... تَسلسلَ حولك بَعد الغَلَلْ
وأنْضَرُ من باكرات الربيع ... تحلَّى بها الكون بعد العَطَلْ
وأبهى من الصبح في مهده ... تَبَسّم في داكِنَات الكِلَلْ
وأندى من الكون عند الشروق ... رفيفَ الحواشي نقيّ الطِّلَلْ
وأروع من بسمات الضحى ... وومض الأصيل وصفو الطَّفَلْ
جمالك يا نيل أعيا البيان ... ودق فقصَّرَ عنه المثلْ