وقد عرف المسلمون هذه الأمة بعد الرومانيين، إلا انهم لم يتصلوا بها ولم يعرفوا أمرها تمام المعرفة، وكان هذا سببا فيما وقع من اضطرابهم في اسمها، فسماها قدماء مؤرخيهم (الانكتار) وبعضهم كان يسميها (الإنكليز) ولعل كلمة (الانتكيرة) في ذلك النص الذي نقلناه عن لسان الدين بن الخطيب عن هذه الأمة محرفة عن هذه التسمية (الانكتير) بتقديم التاء على الكاف وزيادة التاء المربوطة التي زادها بعضهم بعد ذلك على هذا الاسم كما سيأتي.
ثم ذكر صاحب كتاب (الروضتين في أخبار الدولتين) هذه الأمة باسم (انكلتيرة) وكان المسلمون قد اختلطوا بهذه الأمة في الحروب الصليبية فعرفوا حقيقة اسمها وأضافوا إليه اللام التي كان يسقطها قدماؤهم منه، وصاحب كتاب الروضتين هو ابو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي المتوفى سنة ٦٦٥هـ وكتابه في أخبار الدولة الاتابكية والدولة الأيوبية.
وقد ذكرهم بعد هذا في أواخر القرن الحادي عشر الهجري باسم (الإنكليز) صاحب كتاب (المؤنس في أخبار أفريقية وتونس) وهو أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم وقد ذكر فيه أخبار هذا الإقليم إلى سنة ١٠٩٢هـ والإنكليز سمك كالحية يكثر في البحر الذي توجد فيه الجزائر البريطانية فسموا هذه الأمة باسمه، ويسمى أيضاً الانكليس والجنكليس، ولم يسم هذه الأمة من مؤرخي العرب فيما اعلم بالاسم الذي كان يسميها به الرومانيون إلا صاحب كتاب (صبح الأعشى) فقد ذكرها باسم (بريطانيا) ولم نجد من سماها بهذا الاسم غيره.
فهذا هو رأينا فيما ورد في ذلك النص من أخبار أمة الانتكيرة. ولعل الأستاذ البتنوني يعلم في ذلك ما لا نعلم فينشر ما عنده فيه على صفحات الرسالة الغراء لنصل في ذلك إلى الصواب الذي هو غايتنا جميعا.