وكان للتمثيل موسمان عند اليونانيين. فموسم الشتاء (اللينايا وذاك هو موسم عصر الخمر عندهم، وموسم الربيع (الديونيزيا حينما كانت تجتمع في أثينا وفود أحلافها
ولم تكن تمثل على المسرح اليوناني إلا كل درامة تنجح أمام هيئة المسابقة، وكانت المسابقات تعقد ثلاث مرات في السنة بإشراف الحكومة التي كانت تمثلها الهيئة الدينية
وقبل أن ينشأ مسرح ديونيزوس العظيم على منحدر الأكروبوليس الجنوبي الشرقي كان لأثينا مسرح آخر في مكان سوقها وكانت مدرجاته من عروق الخشب، وقد حدث أن سقطت هذه المدرجات مرة في نزاع كبير نشب بين أنصار كل من اسخيلوس وبراتيناس وخوريلوس في الأولمبياد السابع (٤٩٩ ق. م) فقتل خلق كثير من النظارة، وكان هذا الحادث هو الباعث لبناء مسرح ديونيزوس، حيث صنعت المدرجات من الحجر على الحدور الراسخ فكانت تتسع لثلاثين ألف متفرج
وكان مكان التمثيل هو الدائرة المنخفضة الوسطى من المسرح وكانت تسمى المرقص أو الأركسترا
وفي وسط المرقص كان يقام المحراب الذي يبدل فيه الممثلون ملابسهم وأزياءهم التنكرية، وقد رؤى أن يكون إلى خلف المرقص حين رفعت أرضه بالخشب لتتناسب مع المدرجات العالية أمامها
ولما كان المسرح في مثل هذا الاتساع الهائل عمد الأثينيون إلى حيل المكياج ليضخموا الممثلين بحيث تراهم الصفوف الخلفية، فكان هؤلاء يلبسون أخفافاً كباراً لها أعقاب عالية من الخشب، وثياباً سميكة محشوة ومبطنة ببطائن منتفخة، وقد يكون للثوب ذيل فضفاض يجرره الممثل وراءه
وكانوا يلبسون الأوجه التنكرية الكبيرة التي تلائم المشهد الروائي، فإذا كان المشهد محزناً ظل الوجه عابساً بادي الألم، وإذا كان المشهد مضحكاً بدت على الوجه أسارير المرح وقسمات الضحك أو علائم التهزيل