في الأعداد السابقة من (الرسالة) دارت بيني وبين الصديق الأستاذ زكي طليمات، مناظرة محدودة الأطراف، على جمهور القراء. والمتحصل مما أذهب إليه أن اعتقادي أن في مصر طائفة من المهذبين الذين يميلون إلى الأدب الرفيع والإنشاء الجد. ولا شك أن الجانب الأكبر من تلك الطائفة من الرجال. وإذا أنت وازنت بين جمهور قرائنا وجمهور قراء البلدان الأوربية الراقية تبين لك أن النساء هنالك يقرأن بقدر ما يقرأ الرجال. ولقد رأيت في ألمانية نساء يسرن في الطرق ويجلسن في القهوات والكتاب رفيقهن. وعرفت في فرنسة نساء يرشدن أزواجهن وأصدقاءهن إلى نفاسة الكتب الخارجة. وكثير من نساء الفرنجة يقبلن على قراءة ما يقال له في مصر:(الأدب الدسم)(كأننا نعني الأدب الذي يكلف القارئ مشقة حتى إنه ينفّره. والغريب أن الطعام المصري - في غالب الأمر - ذو دسم شديد. فلم نخشى على أذهاننا ولا نخشى على بطوننا؟!)
إن جمهور القراء لن يزالوا على حالهم من الخدر والنعاس حتى ترغب المرأة عن القراءة المسلية: عن روايات الجيب، والمجلة المشحونة بالصور، والكتاب الذي يكثر فيه البكاء ورسائل الغرام الشاحب؛ وحتى تكشف للرجل عما وراء الحس المباشر من خلجات وبدوات ولوامع هي أقدر منه على الشعور بها والانتفاض لها
المرأة هي المهذبة الأولى والقارئة الوفية
٢ - تاريخ الأدب العربي
وصلني الجزء الثالث من المجلد الثالث لتكملة (تاريخ الأدب العربي) لصاحبه المستشرق العلامة كارل بروكلمن الألماني. وقد سبق لي أن خبّرت قراء هذا الباب من (الرسالة) بمجمل ما في الجزء الأول والثاني.
أما هذا الجزء فيتم الكلام على الشعر في مصر لهذا العهد؛ ومن الشعراء الذين نظر المؤلف في شعرهم: أحمد رامي، والهراوي، وعماد، وعثمان حلمي، وخليل شيبوب، وإبراهيم ناجي، والعقاد، والمازني، وحسن كامل الصيرفي، وعلي محمود طه، وصالح جودت، والهمشري، وعلي الجارم، ومحمود حسن إسماعيل، وسيد قطب، ومختار الوكيل،