للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مكتبة الأطفال العربية]

بعض الاختبارات الشخصية والملاحظات التوجيهية

للأستاذ كامل كيلاني

زعموا أن ثلاثة أمراء اخوة أشقاء، خرجوا يتنافسون في مهر بنت عمهم السلطان، بعد أن تواعدوا على الاجتماع آخر العام في مكان بعينه ليروا: أيهم ظفر بأنفس هدية للأميرة. فلما التقوا رأوا أحدهم قد ظفر بمنظار سحري يرى فيه الناظر كل ما يدور بخلده، ولو كان في أقاصي الدنيا. وظفر ثانيهم ببساط سحري يحمل راكبه محلقاً به في كل جو من الأجواء فيبلغه غايته في لحظات يسيرة وظفر ثالثهم بتفاحة شافية تبرئ من السم وتعيد الحياة إلى من أشرف على التلف. ونظروا في المنظار فإذا الأميرة على فراش الموت تحتضر. فأسرعوا إلى البساط، فإذا بهم عندها في الحال. وأدنوا التفاحة منها، فشفيت على الفور. وحاولوا أن يعرفوا: أيهم صاحب الفضل في شفائها فلم يهتدوا إليه. فلولا المنظار لما عرفوا مرضها الخطير، ولولا البساط لهلكت قبل أن يصلوا إليها، ولولا التفاحة الشافية لما كان لوصولهم فائدة. فإذا نقصت واحدة من هدايا الأسطورة ضاع كل أمل في شفاء الأميرة. ولعل في هذه القصة مثلاً دقيقاً يوضح ما يجب على من يتصدى للكتابة للأطفال أن يهدف إليه ويجعله نصب عينيه وحفل أذنيه.

إن تحبيب الكتاب إلى نفس الطفل هو أول الوسائل لتمكينه من القراءة. ومتى ظفر بهذه الغاية ظفر بالمنظار السحري الذي يرى صاحبه كل ما يريد أن يراه. أما الأسلوب القصصي الساحر فهو بساط الريح الذي يتناقل بالقارئ إلى أبعد الآفاق الفكرية في لحظات يسيرة، ويطير به على أجنحة الخيال البديع محلقاً به في سماء الحقائق، دون أن يلحق به كلالاً ولا جهداً. أما التفاحة الشافية فتتمثل فيما تتركه القراءة النافعة من آثار نفسية رائعة، تشفي سموم الجهالة وتبرئ من النزعات العارمة التي نعجل بصاحبها إلى الهلاك وتقذف به إلى الهاوية. ولنقف عند لأول هذه الأهداف الجليلة لحظة قصيرة، فما تتسع هذه الوجازة الخاطفة لغيرها لنقف عند الخطوة الأولى، وهي تحبيب القراءة إلى الطفل، وتمكين الفصحى من نفسه، وحمايته مما كان يغمرنا من البيان المشوه المضطرب، وتجنيبه ذلك الشر المستطير من سيل العامية الجارف الذي كان يفرقنا في مستهل نشأتها الثقافية، ولا

<<  <  ج:
ص:  >  >>