فرنسا والحرب العالمية الثانية: بين الديمقراطية والفاشية
كانت فرنسا في وسط برامجها لتنفيذ هذه الطفرة الصناعية لكي تعوض ما فات منها حينما قامت الحرب العالمية الثانية، جاءت هذه الحرب وهي منقسمة في الداخل، فالروح الرجعية التي تفشت في عدة بلاد بأوروبا وأفريقيا وآسيا وأخذت في فرنسا مظهر العنف في مظاهرات الكونكورد سنة ١٩٣٣، وهذه الروح لم تكن ماتت في سنة ١٩٣٩ بل كانت تمثل مصالح وأغراض تلك الفئة التي أشرنا إليها من أساطين الصناعة الذين أخذوا على عاتقهم تنفيذ هذه البرامج. وكانت هذه الفئة تؤمن بضرورة مسالمة برلين وروما، لا حبا فيهما أو رضوخا لأرادتهما بل لأن الوطنية تملي بأنه يجب تحمل كل شئ في سبيل السلم حتى تستكمل فرنسا بناءها الصناعي ولو كان في ذلك الخروج من ميثاق عصبة الأمم أو إهمال المحالفات والضمانات القائمة.
صداقة بريطانيا:
يقابل هذه الروح تيار الديموقراطية ممثلا في روح الجماعات والأحزاب السياسية والبرلمان، وكانت جميعا لا ترغب في الاندفاع على طريق غير مأمون العاقبة: يفقد فرنسا مركزها الأدبي كدولة عظمى إذا حنثت بالمواثيق والضمانات المأخوذة أو ضربت بالمخالفات والمعاهدات عرض الحائط ويفقدها صداقة حليفتها بريطانيا، تلك الصداقة التي بنيت عليها سياسة فرنسا منذ الاتفاق الودي عام ١٩٠٤ واكتسابها المواقف الاستعمارية في مؤتمر الجزيرة ١٩٠٧ وأيام حادث الغدير في مراكش سنة ١٩١١، وكانت العامل الأساسي لكسب حرب ١٩١٤ - ١٩١٨.
أثر بريطانيا في سياسة فرنسا:
وكانت هناك دواع تملي باستبقاء تلك الصداقة من الجانب البريطاني نفسه، فقد ظهر جلياً بعد تقدم الطيران وموقف إيطاليا المعادي إن أراضي الإمبراطورية الفرنسية ستكون في