للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عليها في مباذلها وأعمالها.

ورابعها: إنه لا بد لكل شركة أو جماعة من رئيس، فإن كان في المركب رئيسان غرق المركب، ولو كان في السماء والأرض، فلا بد من ترئيس أحد الزوجين والرجوع عند الاختلاف إلى رأيه، واعتراف الثاني برياسته، وعلى الرئيس بعد أن يكون حاكما بعدل ورفقن وعلى المرؤوس أن يكون طيعا بفهم واحترام.

وخامسها: لابد لدوام المودة من اغتنام الفرصة لإظهار العاطفة المكنونة بحديث حلو، أو مفاجأة منه: هديه ولو صغرت، وطرفة ولو قلت، واهتمام منها بصحته وراحة نفسه ومطعمه وملبس وكتبه، وأن يصبر كل منهما على غضب الآخر وتعبه يا سادة: إن مشاكل البيت هينة سخيفة، ولكنها إن استفحلت نغصت العيش وسودت وجه الدنيا، ولم ينفع معها ملك ولا مال، فلقد كان الإمبراطور نابليون الثالث يجد من مكارهها ما لم ينجه منه ملكه. وكان الرئيس لنكولن يلقي من متاعبها ما لم يخلصه منه سلطانه، وإني لأستأذن السيدات المستمعات بأن أختم هذا الحديث بكلمة لأمراه مثلهن هي (آن شرر). قالت:

(إن بين كل عشر نساء تسعا يحرصن على مضايقة الرجل، وتنكيد عيشه، ولهن إلى ذلك وسائل لا تحصى، وهن يعتقدن إنه لا عمل للرجل إلا الثناء على جمالهن يومه كله، وامتثال أوامرهن، وإجابة رغباتهن، وإذا رأينه مقبلا على قراءة أو كتاب أو عمل له، اقتحمن عليه مكتبه، ونفضن في وجهه من المنغصات ما يحيل عزلته سجناً، وحياته جحيما)

فيا سيداتي المستمعات: أرجو أن لا تكون فيكم واحدة من هؤلاء

(القاهرة)

علي الطنطاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>