تناولت في كتابي الأخير عن ابن سينا خلاصة الفلسفة المادية الثنائية فقلت في تلخيصها إن (من قوانينها اجتماع الأضداد فيها ريثما يتغلب ضد منها على ضده بغير انقطاع لهذه المغالبة الدائمة، وإن الصفة الكمية فيها تتحول إلى الصفة (الكيفية) فتنشأ الحياة كما ينشأ العقل من هذا التحول، إما على التدريج وإما طفرة كما يظهر بعض أنواع النبات من الأنواع الأخرى، فلا توجد كيفية إلا وهي نتيجة التغير في الكمية، ولا توجد حالة قط إلا وهي تنطوي على ما يتاقضها، فلا تبلغ تمامها إلا ظهر منها النقيض الذي تنطوي عليه. . .)
وقد كانت هذه النبذة موضع ملاحظة بين بعض المشتغلين بالمباحث الفلسفية، لأنهم وهموا أن إيراد النقيض والضد في عبارة واحدة يدل على استخدامها بمعنى واحد. وهما مختلفان
وتصحيح هذا الوهم أن النقيض يأتي بمعنى الضد، لأن كل نقيض لشيء من الأشياء فهو ضده بلا استثناء، ولا خطأ إذن من الوجهة العامة في الجمع بين الكلمتين في سياق واحد، ولا حرج من التخصيص بعد التعميم على الإجمال
نقول هذا من الوجهة العامة التي لا ترتبط بالفلسفة الثنائية المادية أو بغيرها من الفلسفات
أما إذا رجعنا إلى مصطلحات الفلسفة المادية الثنائية فهنالك يبدو جلياً أن أصحاب تلك الملاحظة لم يطلعوا على بحث واحد من بحوثها المطولة في مراجعها المعتمدة؛ لأن شرائح الفلسفة المادية الثنائية قد استخدموا في هذا الباب كل مصطلح يخطر على البال في معنى المخالفة والمباينة
فاستخدموا معنى التناقض في كل شرح من شروحهم المطولة
واستخدموا معنى التضاد (أو التقابل)
واستخدموا معنى
واستخدموا معنى
واستخدموا في جميع هذه الأحوال كلمة التنافي أو التناسخ أو التناقض في أقوى
فمن أمثلة استخدامهم لمعنى التناقض شعارهم الذي اقتبسوه من هيجل حيث يقول بالنص