وصف وتحليل لنسخة فريدة من كتاب مفقود، في علم ضائع،
لمؤلف مجهول
للأستاذ علي الطنطاوي
(أبواب الكتاب)
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي له في كل لطيف من خلقه مُعجز يُتفكرُ فيه، وخفي من صُنعهُ يتنبهُ به عليه، ونعم تقتضي مواصلة حمده، ومننٌ تحث على متابعة شكره. والذي ميز كل نوع من حيوان خلقه على حدته، وأبانه بشكله وصورته، وجعل له من الآلة ما يلائم طبعه ومُركبه، ويسره للأمر الذي خلق له، ويُؤديه إلى مصلحته، وقوام جسمه. وجعلنا من أشرف ذلك كله نوعاً، وأتمه معرفة، وجمع فينا بالقوة ما فرقه في تلك الأصناف بالآلة، فليس منها شيء مخصوص بحالٍ له فيها مصلحة إلا ونحن قادرون على مثلها؛ كذوات الأوبار التي جعلت لها وقاءً وكسوة تلزمها ولا تعدمها، فإنا بفضل حيلة العقل نستعمل مثل ذلك إذا احتجنا إليه، ونفارقه إذا استغنينا عنه؛ وكذوات الحد والشوكة من صدف أو مخلب، فان له مكان ما نستعمله من السيوف والرماح وسائر الأسلحة؛ وكذوات الحافر والظلف فان لنا أمثال ذلك مما ننتعله ونتقي أذى الأرض به. وجعل لنا خدماً وأعواناً، وزينة وجمالاً، وأكلاً وأقواتاً؛ فبعض نمتطيه، وبعض نقتنيه، وبعض نغتذيه. وأحل لنا صيد البر والبحر والهواء؛ نقتنص الوحش من كناسها، ونحطمها من معاقلها، ونستنزل الطير من الهواء، ونستخرج الحوت من الماء. ولم يكلنا في ذلك إلى مبلغ حيلتنا حتى عضدنا عليه، وسهل السبيل إليه، بأن خلق لنا من تلك الأنواع أشخاصاً أغراها بغير من سائر أجناسها، ووصلها من آلة الخلْفَه وسلاح البنية، وقبول التأديب والتضْرية، والانطباع على الأكفّ، والاستجابة فدلنا