للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من سير الخالدين]

نابليون. . وجنوده. . وقواده. .!

للأستاذ عبد القادر حميدة

شرع الكتاب في هذه الأيام أقلامهم. . بعد أن غمسوها في مراجع التاريخ. . ينقلون عن صفحاته وسطوره سيرا ملوثة لملوك غابرين. . فيعددون مساوئ هذا. . ويرددون هفوات ذاك. . وعلى الجملة فهم يقدمون إلى القراء حياة تضج بالشهوة. . وتزخر بالفسق. . وتحفل بالفجور. .!! حياة لا تهدف إلا للمتعة. . ولا تنشد إلا البعث. . وفي اعتقادي أن مثل هذه النقائض المنتقاة من كتب التاريخ. . التي تعرض اليوم على الأعين. . وتلقي على الآذان. . لا تحط إطلاقا من قيمة الملك السابق. . ولا تصيب منه مرمى. . لأنه سيشعر - على الأقل - بأنه لن يقترف هذا الجرم وحده. . بل سبقه ملوك سالفون. . لم يبلغوا ما بلغه من الترف والأبهة. . وتلك لعمري مؤهلات العربدة. .!! كان الأحرى بالكتاب. . أن يتخذوا من صفحات الجرائد لوحات يسيطرون عليها أمثلة من. . الشرف. . والعفة. . والكرامة. . والنزاهة. . وكراهية. . الذات. . والحنو على الشعب.!! لأناس دستورهم هذا، ولدينا كتب التاريخ حافلة، وبهذا يدرك الملك السابق كما يطمئن جمهرة الناس إلى أنه طرق باب النزاوت وحده، وسلك دروب الشيطان بمفرده، وانساق أمام تيار جارف من النشوة الزائلة، لا تحوطه إلا حاشية لم تكن تريد إلا تحقيق أطماعهم الشخصية. . ولو على حساب تلويث صفحة تاريخية.!

وحين يدرك فاروق أنه وحده نشز عن طبيعة الخلق - بعد أن يدرك القراء أيضا - سيتضاعف شعوره بالألم - إن كان لديه بقية من ضمير - ويحس بالوخز أشد إيلاما، وأحد نصلا! وإني إذ أقدم اليوم إلى قراء الرسالة جانيا من حياة نابليون إنما آمل أن ينهج إخواننا الأدباء هذا النهج، ويسيروا على ذلك الدرب:

. . . كان نابليون شديد الانتباه إلى أصاغر جنوده لاعتقاده أن الجندي الصغير قد يكون ذا قلب كبير، وأن حسن المعاملة مدعاة لزيادة الإخلاص، قال دوق فيسالس (إن تلك الشوارب القديمة (يعني رجال الحرس) لم يكونوا يجسرون على مخاطبة أصغر ملازم في الجيش بمثل ما كانوا يخاطبون ذلك القائد الأكبر الذي كانت هيبته تملأ نفس الجيش كله)، وقال

<<  <  ج:
ص:  >  >>