اللهمّ إنا نعوذ بك من فتنة الرأي والهوى، كما نعوذُ بك من سوء الاقتداء والتقليد.
٤ - يقول الأستاذ سعيد الأفغاني في العدد (١٧١) من (الرسالة) بعقب حديثه عن رأينا في ردّ رواية اللاذقي - الذي كان قد آمنَ بنبوّة المتنبي أبي الطيب، وأسلمَ له، وبايعه بيعة الإقرار بصدق نبوّته، وزاد أن أخذ البيعة لأهله كذلك:(وقد رددتُ أنا قسماً كبيراً من رواية اللاذقيّ هذا لشيءٍ غير ما ذهب إليه الأستاذ الكريم، وسأبينه قريباً). وقد وفى الأستاذ بعدَته فأبان خيرَ الإبانة عن (الشيء) الذي من أجله (ردّ قسماً كبيراً) من رواية (اللاذقيّ هذا). وهذا بيانه بعد كلامٍ كثير، يقول:(وقد عجبتُ كل العجب من الأستاذ - وهو الناقد الأصوليّ الفنّان (أستغفر الله يا سعيد) - حين لم يدر لم اختصرتُ حديث اللاذقيّ؟ إذ أن الأمر ظاهر، فأن الزيادات التي أهملتها يرفضها العقل ويكذبها الواقع، ولم تكن ثمة حاجة لأدُلّ القراء على سبب إهمالها لأن تهافُتها بيّنٌ. وكثيرٌ أن تجردَ عليها حملةٌ كالتي نزل بها الأستاذ الميدان!! فخصَّص لها صفحتين من كتابه القيم، وهو يعلمُ حفظه الله أن من أدلة الوضع عند المحدّثين مخالفة الواقع والمعقول كما هو مستوفي بكتب مصطلح الحديث) اهـ.
عونكَ اللهمّ! فلستُ أدري من أين أبدأ في بيانِ تهافتِ هذا القول وتناقضه! هذا رجُلٌ سماهُ أبوهُ معاذاً فكان عند الذين قرءوا حديثه (أبا عبد الله معاذ بن إسماعيل اللاذقيّ)، وهو في الرواة مجهول غيرُ معروف بصدق ولا بكذبٍ؛ وقد جاءَنا هذا الرَّجُل ينبئنا عن أبي الطيب خبر قدومه اللاذقية سنة نيفٍ وعشرين وثلاثمائة، فيأنى بحديث طويل ممتدٍّ،
(١) يذكر فيه حلية أبي الطيب وصفته وسمته وحسن أدبه، (٢) ثم يذكر حديثاً جرى بينه وبين أبي الطيب، فيقول له اللاذقي:(والله إنك لشابٌ خطير، تصلح لمنادمة ملكٍ كبير!) فيكون جواب أبي الطيب: (ويحك! أتدري ما تقول؟ أنا نبيٌ مرسل)(٣) ثم يذكر رسالة أبي الطيب إلى أمته الضالة المُضِلة! وغرض رسالته؛ (٤) ثم ما سمع من قرآن أبي الطيب الذي وصفه بقوله: (فأتاني بكلامٍ ما مرّ بمسمعيّ أحسنُ منه)(٥) ثم يذكُرُ عدد آيات