بين يديّ رسالة للمستشرق اليهودي المعروف المرحوم أويكين ميتوخ بحث فيها عن الصلاة عند المسلمين وقارن بينها وبين الصلاة عند اليهود. وقد أجهد المستشرق نفسه ليصل إلى نتيجة كان يقصدها ويريدها قبل الدخول في الموضوع، هي أن الرسول الكريم أخذ صلاته من صلاة اليهود كما أخذ سائر الطقوس والعبادات.
وبين يدي أيضاً بعض الأبحاث العلمية التي قام نفر من المستشرقين في نفس هذا الموضوع، أي تطور الصلاة ونشوء العبادات في الإسلام، كبحث المستشرق المجرى اليهودي كولد زهير وبحث المستشرق الهولندي جوينبول وأبحاث المستشرق المرحوم بيكر
وهي تسير على نفس الأسلوب ولكنها تختلف في النتائج. إذ من رأى هؤلاء أن النبي عليه الصلاة والسلام أخذ صلاته وعباداته عن النصارى لا اليهود.
وبالنظر إلى ما في أبحاث هؤلاء المستشرقين من أمور لا تقرها الحقيقة رأيت أن أكتب في هذا الموضوع، وأن أقارن بين الصلاة في الإسلام وبين الصلاة في اليهودية خاصة، لكونها أساس الصلاة عند المسيحيين فأقول:
أجمعت المذاهب الإسلامية قاطبة على أن هنالك خمس صلوات مفروضة في اليوم، وأجمعت كذلك على عدد الركعات؛ فصلاة الصبح ركعتان، وصلاة الظهر والعصر والعشاء أربع ركعات إلا صلاة المغرب فإنها ثلاث ركعات.
ولم تختلف المذاهب الإسلامية قديماً وحديثاً في الشكل الأساسي للصلاة ولا في هيكلها وكيفيتها، وإنما اختلفت، وإنما اختلف في مسائل فرعية طفيفة لا علاقة لها بالوضع العام للصلاة. فطريقة الركوع والسجود واحدة بين الجميع، وعدد الركعات ثابت كما قلنا، والاتجاه نحو القبلة واجب لا خلاف فيه. وأما فيما عدا ذلك مثل الجهر بالقراءة أو الإخفات، وإسبال اليدين في الصلاة أو (التكتيف) فوق السرة أو تحتها، وجواز القنوت أو عدم جوازه، ورفع السبابة في التشهد أو عدم رفعها وإدارة الرأس نحو اليمين واليسار حين السلام أو عدم ذلك، ثم الحد الأدنى للآيات التي يجب قراءتها في الصلاة، وأمثال ذلك، فإن